-

تأثير مانديلا (الذاكرة الخاطئة)

(اخر تعديل 2024-09-09 15:29:20 )
بواسطة

يشير مصطلح تأثير مانديلا أو الذاكرة الخاطئة إلى اعتقاد مجموعة من الناس أن حدثاً ما قد حدث في الماضي بينما هو لم يحدث فعلا. لنتعرف معاً في هذا المقال على أصل تسمية الظاهرة بهذا الاسم وأسباب ظاهرة مانديلا وعلى العلاقة بين نظرية الأكوان الموازية وتأثير مانديلا وأغرب الأمثلة والحوادث التي تلقي الضوء على هذه الظاهرة الغريبة.

تسجيل جين رانك باست...

Please enable JavaScript

تسجيل جين رانك باستخدام رابط دعوة

أصل تسمية تأثير مانديلا

يعود الأصل في تسمية هذه الظاهرة إلى فيونا بروم، والتي كانت تتحدث في مؤتمر عقد في 2009 عن تفاصيل تذكرها لوفاة نيلسون مانديلا والتي سميت الظاهرة لاحقاً باسمه. تقول بروم أنها تذكر أن نيلسون مانديلا توفي في الثمانينات في أحد السجون في جنوب أفريقيا. ثم تفاجأت فيما بعد بكمية الأشخاص الذين يتذكرون نفس التفاصيل وأن نيلسون مانديلا مات في الثمانينات. والحقيقة هي أن نيلسون مانديلا خرج من السجن بعد أن قضى فيه 27 عاماً وشغل منصب رئيس جنوب إفريقيا بين 1994 و 1999 وتوفي عام 2013.

ولم يتوقف الأمر عند هذا فقط بل ذهب البعض إلى تذكر تفاصيل من جنازته وخطاب من أرملته. وأصيبت بروم بالصدمة بسبب هذا العدد من الناس الذي يتذكر الحدث بهذه الكمية من التفاصيل بينما هي لم تحدث أبداً.

وبتشجيع من الناس بدأت بروم بالبحث عن حوادث أخرى مماثلة لحادثة مانديلا لتفسير هذه الظاهرة. وأنشأت موقعاً على الإنترنت لمناقشة ما أسمته تأثير مانديلا وحوادث أخرى مشابهة.

أسباب حدوث ظاهرة تأثير مانديلا

أسباب ظاهرة تأثير مانديلا

هناك أسباب عديدة يرجحها الباحثون لحدوث تأثير مانديلا ومنها:

الذاكرة الخاطئة

يعتبر مفهوم الذكريات الكاذبة أو الخاطئة تفسيراً جيداً لتأثير مانديلا. وتعرف على أنها ذكريات مشوهة أو غير صحيحة لحادثة ما وعلى الرغم من أن أكثر الذكريات الخاطئة تحتوي على جزء من الحقيقة أو تشابه معها إلا أن بعض الذكريات تعتبر كاذبة وغير صحيحة بالكامل.

يثير مصطلح الذاكرة الخاطئة بعض الخوف وعدم الارتياح لدى معظم الناس ولكن الذاكرة البشرية ليست كقرص مضغوط لتخزين المعلومات. والذكريات الخاطئة أمر شائع جداً لأن الذكريات والصور والمعلومات تحفظ لكن تؤثر عليها المشاعر والآراء والتحيز الشخصي بشكل لا إرادي.

وقد اكتشف الباحثون طريقة لإحداث الذكريات الخاطئة تسمى (DRM) قرأ المشاركون في هذه الدراسة مجموعة من الكلمات ذات الصلة لغوياً مثل: حمار وحشي قرد حوت ثعبان فيل. ثم يسأل الباحثون المشاركين إذا كانوا يذكرون إذا كانت الكلمات تحوي كلمة ذات صلة مثل أسد. وسوف يتعرف عليها المشاركون ويتذكرون أنها كانت من بين الكلمات الأصلية مع أنها لم تكن موجودة أساساً. وسيذكرونها لمدة تصل إلى 60 يوماً.

التشابه

هو سبب محتمل من أسباب ظاهرة مانديلا أو الذكريات الخاطئة. وهي مجموعة من البيانات أو روايات عن الأحداث تكون غير صحيحة أو مفتقرة للأدلة أو الحقائق الداعمة لصحتها. طبعاً هذه البيانات تعتبر فنياً روايات كاذبة ولكن القارئ أو المستمع سيعتبرها حقيقة.

يقول الفيلسوف بورتولوتي أن معظم الناس ليسوا على دراية بالمعلومات التي تجعل آراءهم وتصرفاتهم دقيقة وليسوا قادرين على تفسير هذه المعلومات. فالناس من وجهة نظره لا يتشاجرون عمداً. كما تؤثر بعض الحالات العصبية على الذاكرة مثل الزهايمر أو الخرف فمريض الزهايمر يحاول أن يخبرك بحادثة ولكنه لا يقصد الخداع أو الكذب عليك. ولكنه لا يملك المعلومات الكافية والإدراك لاستدعاء الحدث بدقة.

القابلية للإيحاء

يعرف علم النفس القابلية للإيحاء على أنها ظاهرة يؤثر فيها تعرض الشخص المباشر لمحفز باستجابته لمحفز لاحق. مثلاً إذا سمعت كلمة ما مثل “عشب” فسوف يستجيب للكلمات ذات الصلة بهذه الكلمة بسرعة أكبر مثل “جزازة العشب”. ويذهب بعض الباحثين أن القابلية للإيحاء ممكن أن تؤثر على ردود فعل الآخرين وذاكرتهم وخاصة العبارات الأكثر تحديداً لشيء معين مثل لون أو شكل فتنشأ الذاكرة المحفزة ما يؤدي لظاهرة تأثير مانديلا.

الأكوان الموازية وظاهرة تأثير مانديلا

وتعتبر من أكثر النظريات غرابة في تفسير ظاهرة تأثير مانديلا، نشأ مفهوم الحقائق البديلة أو الأكوان الموازية (parallel universe) من نظرية الأوتار وفيزياء الكم. واستناداً لنظرية الأوتار يمكن أن يؤكد الإنسان أن كوننا هو واحد فقط من عدة أكوان يحتمل أن تكون غير منتهية العدد. وتقول هذه النظرية أن تأثير مانديلا يحدث عندما تتفاعل الوقائع والحوادث في عالمنا مع وقائع في أكوان بديلة وعلى الرغم من إثبات نظرية الأوتار رياضياً ولكنها تبقى غير مثبتة ومثيرة للجدل بشكل كبير.

السمات العامة لتأثير مانديلا

تشمل سمات تأثير مانديلا ما يلي:

  • ذكريات مشوهة تكون بعض بياناتها غير دقيقة أو تكون كلياً مشوهة.
  • تذكر أحداث كاملة لم تحدث أبداً وبشكل واضح.
  • من أوضح سمات تأثير ماندبلا هي تشارك العديد من الأشخاص الذين لا يعرفون بعضهم بذكريات خاطئة مماثلة.
  • أحد سمات تأثير مانديلا أن الشخص يعتقد أن ذكرياته الخاطئة هي ذكريات حقيقية ودقيقة.
  • يتذكر الشخص الأحداث بوضوح ولكن بشكل مختلف عن حقيقتها أو مغاير تماماً.
  • لا ينطوي تأثير مانديلا على الكذب والخداع فالشخص يعتقد أن معلوماته صحيحة.

أمثلة على ظاهرة تأثير مانديلا

تبين لاحقاً أن ظاهرة الذاكرة الخاطئة أو الكاذبة لم تقتصر فقط على حادثة نيلسون مانديلا وإنما على الكثير من الأشياء والصور والذكريات. والتي تبين فيما بعد تشارك أشخاص كثيرون فيها ومنها:

صورة القرد الفضولي جورج

القرد الفضولي جورج

والتي يجمع الكثير من الأشخاص أن جورج كان لديه ذيل بينما هو لم يكن كذلك.

ماركة jif

ماركة جيف

يقسم العديد من الأشخاص أنه كانت هناك زبدة فول سوداني اسمهاjiffy بينما في الحقيقة كان اسمها jif فقط ويتوقع الباحثون أنه يجمعون بين اسمها واسم منافستها skippy.

shazaam

ويعتبر من أشهر الأمثلة على ظاهرة تأثير مانديلا في الذاكرة الجماعية. وهو عنوان لفيلم كوميدي قام به الممثل سندباد في التسعينات. ولكن في الواقع هذا الفيلم غير موجود ولا ندري ما العوامل التي أدت لتكون هذه الذاكرة في أذهان الناس.

رجل المونوبولي

رجل المونوبولي

يجزم معظم الناس أن رجل المونوبولي لديه نظارة العين الواحدة بينما في الحقيقة هو لا يملك واحدة وهو أحد أمثلة تأثير مانديلا الصادمة. وتكثر الأمثلة ومنها صورة ذيل بيكاتشو وصورة شوكولا كيت كات وغيرها الكثير.

دور الإنترنت في شيوع تأثير مانديلا

يقول الباحثون في هذه الظاهرة أنها ازدادت في الفترة الأخيرة كثيراً أو ما يسمى العصر الرقمي. يعود السبب في هذا الانتشار إلى الأخبار الكثيرة المغلوطة أو الملفقة أو المضللة التي تنتشر بدون رقيب. والتي يتعرض لها القارئ أو المستمع وتنشأ مجتمعات كاملة تعتقد بهذه الأكاذيب على أنها حقائق.

جرت مؤخراً دراسة إخبارية لأكثر من 100000 قصة تمت مناقشتها عبر تويتر استمرت هذه الدراسة لمدة 10 سنوات. أظهرت أن الأكاذيب والخدع تغلب الحقيقة بنسبة 70%.

لذلك فإن فكرة السرعة التي تنتشر بها المعلومات الخاطئة في هذا العصر تسهم في تفسير تأثير مانديلا.

لا يزال تأثير مانديلا موضع نقاش حاد بين الناس، ولا سيما بعد ظهور حوادث أخرى تؤكد هذه الظاهرة وبالطبع نحن البشر نتعلم كل يوم شيئاً جديداً ونكتشف شيئاً جديداً. فمن يدري لعل ظهور المزيد من الحوادث يمكننا من معرفة السبب الحقيقي وراء هذه الظاهرة الغريبة.