لا أحد ينكر أن جلسات التأهيل النفسي لها دور فعال في حياة معظم الأشخاص، حيث أنها تجعل الحياة اليومية أكثر قابلية للإدارة لمرضى الاكتئاب، وقد يختلف إعادة التأهيل النفسي من الاكتئاب (Psychological rehabilitation from depression) عن التأهيل النفسي للمدمنين، فما هو تعريف إعادة التأهيل النفسي من الاكتئاب وما هو أنسب برنامج للتأهيل النفسي؟
تعريف إعادة التأهيل النفسي من الاكتئاب
عندما يفكر معظم الأشخاص في العلاج من القلق والاكتئاب، فإنهم سرعان ما يفكرون في الذهاب إلى الأخصائيين النفسيين كل أسبوع أو أخذ بعض الأدوية الموصوفة. ونادرًا ما يتبادر في ذهن المريض أن يفكر في تعريف التأهيل النفسي من الاكتئاب، وفي الحقيقة أصبح هناك برامج عديدة تقوم بتقديم العلاج السلوكي الصحيح لبعض حالات الاكتئاب المختلفة.
حيث أنه خلال السنوات الأخيرة تطور إعادة التأهيل النفسي من الإدمان والاكتئاب بصورة كبيرة، حيث انتشرت مجموعات الدعم والعديد من وسائل علاج مرضى الاكتئاب سواء كان بالعلاج الكلامي أو الأدوية النفسية، ولكن في بعض الأحيان قد يستلزم الأمر الذهاب لمراكز اعادة التاهيل النفسي لكي يتلقى مريض الاكتئاب مستوى أعلى من الرعاية.
متى تحتاج للبحث عن إعادة تأهيل للاكتئاب؟
في الواقع قد تكون مخاطر اضطراب الاكتئاب كثيرة ويمكن أن تزيد بصورة كبيرة لو لم يسعى المرضى في الحصول على العلاج النفسي والاجتماعي المناسبين. كما أن يمكن أن يكون لهذه المخاطر آثار بعيدة المدى على الصحة الجسدية والعاطفية والنفسية. ويصبح الأشخاص المصابون بالاكتئاب أكثر عرضة للانغماس في الإدمان وتعاطي المخدرات والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر.
هذه العلامات والأعراض التي تشير إلى أن الوقت قد حان لطلب المساعدة الشخصية والذهاب إلى مستشفى لتلقي العلاجات المناسبة:
- مزاج منخفض مستمر أو شعور بالحزن يستمر يومًا بعد يوم.
- انخفاض الطاقة أو الشعور بالتعب.
- فقدان الاهتمام بالأشياء والأنشطة التي كانت ممتعة في السابق.
- تغيرات في أنماط النوم والإصابة بالأرق أو كثرة النوم.
- صعوبة في التركيز واتخاذ القرارات.
- الشعور بانعدام القيمة أو الذنب.
- تغيرات في الشهية والوزن.
- ضيق التنفس.
- وجود أفكار انتحارية أو أفكار عن الموت بشكل عام.
- تطوير السلوكيات القهرية، مثل إدمان المخدرات.
- تبدو الحياة العادية والعمل والعلاقات وكأنها صراع للمصابين.
أهداف ومبادئ التأهيل النفسي والاجتماعي
بغض النظر عن الشكل الاجتماعي الذي تتخذه معظم الأماكن التي تقدم الخدمات النفسية والاجتماعية لعلاج الاكتئاب والقلق، إلا أنه هناك بعض الأهداف الأساسية التي تعمل على مساعدة الاشخاص في الشعور بما يلي:
- الأمل: قد يترك الاكتئاب الأشخاص يشعرون بالإحباط نتيجة حالتهم؛ وهنا يركز إعادة التأهيل على مساعدتهم في الشعور بالأمل في المستقبل.
- التمكين: يحتاج كل فرد إلى الشعور بأنه قادر على تحديد أهدافه الخاصة وأن لديه القوة والاستقلالية لتحقيق تلك الأهداف.
- المهارة: تهدف إعادة التأهيل إلى تعليم الأشخاص المهارات لمساعدتهم على إدارة الحالات وعيش الحياة التي يريدون أن يعيشوها.
- الدعم: يجب أن يقدم أخصائيو الصحة العقلية الدعم المعرفي ومساعدتهم بالشكل المرضي على بناء العلاقات والروابط الاجتماعية في مجتمعاتهم.
أما عن المبادئ الأساسية لتعريف التأهيل النفسي من الاكتئاب تساعد في توجيه حالة الاضطراب العصبي المجتمعي للشخص لكي يتمكن العيش بشكل سليم، وتشمل هذه المبادئ:
- يجب دعم كل الأشخاص حيث لديهم إمكانيات يمكن تطويرها.
- من مبادئ إعادة التأهيل النفسي أن الأشخاص لديهم الحق في تقرير المصير.
- من الضروري نصب التركيز على مراكز القوة لدى الفرد بدلاً من أعراض اكتئاب.
- في الطب النفسي قد تختلف احتياجات كل شخص عن الآخر.
- يجب أن تلتزم كل مؤسسة من المؤسسات المهنية بالأهداف وتتبع نهج معين لتوفير بيئة طبيعية قدر الإمكان.
- بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون هناك تركيز على نموذج اجتماعي للرعاية (على عكس النموذج الطبي).
- قد تعتمد معظم المراكز في التأهيل النفسي حول الحاضر بدلاً من أن تهتم بالتركيز على الماضي.
العلاج المستخدم في إعادة التأهيل النفسي من الاكتئاب
يصيب الاكتئاب ملايين الأشخاص كل عام، ويعتبر هذا المرض من الأمراض التي تنشأ بسبب مجموعة من العوامل الاجتماعية والجينية والكيميائية الحيوية والنفسية والجسدية، ومن الضروري تشخيص الاكتئاب في أسرع وقت، وفيما يلي بعض العلاجات المستخدمة في إعادة التأهيل النفسي من الاكتئاب ومن ضمنها:
العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
هو علاج نفسي منظم يعمل عن طريق ما يسمى (الإدراك)، ومن خلاله يتم معالجة الاضطرابات ويستطيع الطبيب علاج وتأهيل المريض بشكل فعال، وهذا العلاج هو مفيد حقًا لمجموعة كبيرة من الأعمار، بما في ذلك الأطفال والمراهقين والبالغين وكبار السن، ويقوم من خلاله المتخصص بالتحدث مع المريض حتى يستطيع تحديد أي أنماط سلوكية تجعله أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
العلاج الشخصي (IPT) لاعادة التأهيل النفسي للاكتئاب
حتى مشاكل العلاقات يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الإنسان، والعلاج الشخصي هو علاج نفسي متخصص ومنظم يركز على المشاكل في العلاقات الشخصية والمهارات اللازمة ويتم فيه التركيز على تحسين العلاقات والتعامل مع الحزن والصدمة، وإيجاد طرق جديدة للتعامل مع الآخرين.
العلاج المعرفي القائم على اليقظة (MBCT)
هو علاج عقلي يساعد في التركيز على اللحظة الحالية، ويتضمن العلاج المعرفي نوع من التأمل يسمى “تأمل اليقظة الذهنية” حيث أنه يركز على الإحساس الجسدي دون محاولة تغيير بعض المشاعر والأفكار، وفي الواقع هذا يساعد العقل بشكل كبير من الانجراف في التفكير في كل من المستقبل والماضي وتجنب أي أفكار سلبية.
هل يجب أن تختار العلاج الفردي أو الجماعي؟
عندما يفكر شخصًا ما في برنامج التأهيل النفسي من الاكتئاب للعلاج. فإن الفكرة التي تتبادر إلى أذهانه غالبًا هي جلسة واحدة مع طبيب نفسي أو معالج نفسي، ولكن هناك أيضًا ما يسمى بالعلاج الجماعي الذي قد يكون متوفر أيضًا وبشكل فعال، وفيما يلي مقارنة بسيطة بين كل منهما:
العلاج الفردي
فيه يخضع الشخص للعلاج الفردي، ويبني من خلاله علاقة جيدة مع شخص واحد. ويشعر بالراحة عند مشاركة المعلومات الحساسة معه، أيضًا من خلال هذا العلاج أن يحصل المريض على اهتمام مخصص.
العلاج الجماعي
عندما يتعلق الأمر بالعلاج الجماعي، فالمريض يستمع ويتفاعل مع الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب مثله. ويمكن أن يقطع هذا شوطًا طويلاً ليجعله يشعر أنه ليس وحيدًا.
تغييرات حياتية لعلاج الاكتئاب
يرى البعض أن تغيير نمط الحياة يعتبر أمرًا بسيطًا، إلا أنه يمكن أن يكون خيارًا قويًا لحل مشكلة الاكتئاب، بل وقد يكون في أغلب الأوقات هو الحل الوحيد الذي يحتاجه مريض الاكتئاب مع برامج التأهيل النفسي من الاكتئاب حتى إذا كان يتناول أدوية الاكتئاب، وفيما يلي بعض التغييرات الحياتية المقترحة في إعادة التأهيل النفسي للاكتئاب:
الحفاظ على نظام غذائي سليم في جميع الأوقات
يلعب النظام الغذائي دورًا مهمًا في صحة الإنسان العقلية بشكل عام، حيث تكون مستويات الطاقة لديه مرتفعة ولن يعاني من تقلبات مزاجية بنفس القدر، لذا يجب دومًا اختيار الكربوهيدرات المعقدة بدلًا من الأطعمة السكرية، حيث أن الكربوهيدرات المعقدة ستحافظ على مستويات الطاقة في الجسم لفترات طويلة.
البحث عن طرق لإدارة التوتر
نظرًا لأن الجميع يمر بمواقف عصيبة، من الضروري البحث دومًا عن طرق لإدارة التوتر. حيث أن الضغوط الكثيرة تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، لذا يجب تحديد عوامل الضغط المحتملة مثل العمل أو الشؤون المالية أو العلاقات. والتقليل من آثارها.
أخذ التمارين الرياضية على محمل الجد
يمكن أن تكون ممارسة الرياضة بانتظام فعالة جدًا في حل مشكلة الاكتئاب. حيث أنها تُزيد كل من الإندورفين والسيروتونين (Serotonin) والمواد الكيميائية الأخرى في الدماغ التي تجعل الشخص يشعر بالراحة. كما أنها تعزز نمو الخلايا والوصلات الجديدة في الدماغ، على غرار ما تفعله مضادات الاكتئاب.
التفاعل والتواصل لاعادة التأهيل النفسي للاكتئاب
يضمن التواصل إحساس المريض بالاكتئاب إنه ليس منعزلاً، حيث أن العزلة هي أحد العوامل الرئيسية للاكتئاب. لذلك، يمكن التواصل مع الأصدقاء والعائلة أو حتى الانضمام إلى برنامج التأهيل النفسي من الاكتئاب ومجموعة ما أو التطوع في أي عمل اجتماعي.
الحصول على قسط كاف من النوم
النوم عامل رئيسي للتحكم في المزاج، لذا إذا كنت لا تنام جيدًا، فسوف تتفاقم أعراض الاكتئاب لديك. حيث عدم الحصول على النوم الكافي يزيد من التعب وتقلب المزاج والحزن وسرعة الانفعال.
قد يكون الهدف من إعادة التأهيل النفسي للاكتئاب هو تعليم الأشخاص كيفية التعامل مع المشاعر والتواصل بشكل فعال مع من حولهم والتعامل مع ضغوط الحياة اليومية. لكي يعيشوا حياة مثمرة مفيدة وذات مغزى وإنتاجية. وفي السنوات الأخيرة أصبحت برنامج التأهيل النفسي من الاكتئاب منتشر بشكل كبير وتساعد الكثير من مرضى الاكتئاب.