دورات ومراحل النوم تتعاقب بشكل متناغم عند الإنسان الطبيعي؛ وهو الأمر الهام في الحصول على نومٍ هادئ ومريح، إذ أن النوم الطبيعي هام جداً من اجل تخزين الأحداث و الذكريات. بالإضافة إلى دوره الفعال في إكمال الوظائف الفسيولوجية الهامة عند الإنسان.
فسيولوجيا النوم
يعد النوم من الناحية الفسيولوجية عملية هامة ومعقدة جدا، فمازال سبب حاجة الجسم الملحة للنوم مجهول وبدون تفسير نهائي. حيث يعتقد العلماء أن النوم ليس عملية سلبية أو إيقاف لوظائف الجسم كاملة، حيث تبين دوره الفعال في الوظائف الفسيولوجية الحيوية، بما في ذلك معالجة الأحداث و التجارب اليومية وترسيخ الذكريات، ومن الواضح جدا أن النوم ضروري لجميع الحيوانات تقريباً.
ما الذي يجعل الإنسان يغفو وينام؟
يتأثر النوم بالإيقاعات العقلية و الجسدية اليومية المنظمة من قبل الخلايا العصبية المركزية، حيث تتأثر هذه الخلايا وتستجيب للضوء و درجة الحرارة والهرمونات وإشارات أخرى، كما تشمل الساعة البيولوجية في جسم الإنسان.
تعد الساعة البيولوجية هامة جداً في تنظيم دورات الاستيقاظ والنوم. يمكن أن يؤدي تعطيل هذه الدورات إلى جعل الناس يشعرون بالنعاس أحيانا وأحيانا أخرى بالقلق و عدم القدرة على النَوم، كما يحدث للمسافر عند عبوره للمناطق الزمنية أثناء الرحلات الجوية الطويلة.
بالإضافة إلى النظرية الجينية المثبتة بالأدلة والبراهين على أن بعض جوانب النوم تحدث تحت التأثير الجيني، حيث تم التحقق من وجود الجين DEC2 عند أشخاص قد اكتفوا بنوم ست ساعات يوميا وبانتظام.
مراحل النوم الطبيعي
ينقسم النوم إلى مرحلتين هامتين وهما:
نوم حركة العين السريعة REM و نوم حركة العين غير السريعة N REM.
المرحلة الأولى REM نوم حركة العين السريعة:
تم وصف هذه الدورة لأول مرة من قبل باحثو النوم عام 1953 عندما لاحظوا نمطا فريدا من الأمواج الكهربائية الدماغية. هذه الموجات الدماغية ذات تردد سريع وجهد منخفض، على غرار الموجات الدماغية التي شوهدت في حالة اليقظة الطبيعية.
تتميز هذه المرحلة من مراحل النوم بغياب النشاط الكامل للعضلات الإرادية، بالإضافة إلى ظهور حركات العين السريعة. يفيد الأشخاص الذين يستيقظون أثناء هذه المرحلة من النوم أنهم كانو يحلمون في ذلك الوقت. حيث تمثل مرحلة نوم حركة العين السريعة 20% – 25% عند البالغين وعند الرضع 40% من مراحل النوم الطبيعي.
المرحلة الثانية N REM و هي حركة العين غير السريعة:
تحدث على ثلاث مراحل وفقا لنمط النشاط الكهربائي للدماغ:
مرحلة N1: هو الانتقال من حالة اليقظة التامة إلى النوم العميق وهي اخف مرحلة من مراحل النوم، وقد لا يدرك الناس دائما أنهم نائمون في هذه المرحلة.
المرحلة N2: هي نوم حقيقي ويمثل 40% – 50% من وقت النوم الطبيعي.
مرحلة N3: وهي مسئولة عن النوم العميق، وتدعى أيضا دورة نوم الموجة البطيئة أو الموجة دلتا، وتمثل هذه المرحلة تقريبا 20% من وقت النوم الطبيعي لدى الشباب.
يعتقد أن الاضطرابات في دورة النوم بأكملها أو في إحدى الدورات الفردية مسئولة عن الأنواع المختلفة من اضطرابات النوم.
كيف تتعاقب مراحل النوم أثناء الليل؟
- يحدث النوم الطبيعي عادة في دورات تتراوح مدتها من 90 إلى 120 دقيقة، يتكون النوم الليلي الطبيعي من أربع إلى خمس دورات كاملة.
- في النصف الأول من الليل هناك انتقال من مرحلة اليقظة إلى مرحلة نوم N1، ثم N2 و N3. ثم تظهر المراحل N2 و N3 من جديد، تليها الحالة الأولى من نوم الريم.
- أما في النصف الثاني من الليل تتناوب الدورات N2 وREM مع بعضها البعض.
ما أهمية نوم الريم؟
يشكل نوم حركة العين السريعة REM أقل من 25% من إجمالي دورات النوم الطبيعي، و لا يفهم حتى الآن سبب أهميته بشكل كامل، تعتبر بعض الدراسات أن نوم حركة العين السريعة ضروري جداً من أجل الحفاظ على الأحداث والذكريات، كذلك الحفاظ على الروابط العصبية المناسبة.
ما هي نسبة النوم العميق ومتى يحدث؟
النوم العميق N3 يمثل فقط 20% من إجمالي مَراحل النوم الطبيعي. أكبر قدر من هذا النوم العميق يحدث في النصف الأول من الليل.
“اقرأ أيضاً: مقدمة إلى التعلم العميق”
كم يحتاج الشخص من النوم الطبيعي؟
يوجد اختلاف كبير جداً في حاجة الأفراد للنوم، ولا توجد معاير ثابتة لتحديد مقدار النوم الذي يحتاجه كل فرد على حداه. فقد تكون ثماني ساعات كافية لبعض الأشخاص في حين أن البعض الآخر يعتبره قدرا كبيرا من النوم.
تقترح المعاهد الوطنية للصحة NIH أن معظم البالغين من الناس العادين يحتاجون من سبع إلى تسع ساعات تقريبا من النوم الطبيعي كل ليلة. على النقيض من ذلك، ينام حديثي الولادة من ست عشرة ساعة إلى ثماني عشرة ساعة في اليوم الواحد.
بينما ينام الأطفال في سن ما قبل المدرسة ما بين عشر إلى اثني عشرة ساعة في اليوم. في حين يحتاج الأطفال و المراهقون الأكبر سنا تسع ساعات على الأقل من النوم في كل ليلة.
في أي مرحلة من النوم تحدث الأحلام؟
تبين من خلال الدراسات الحديثة وجود جينات تدعى جينات الأحلام Chrm1 و Chrm3 التي تجلب الرؤى الغريبة والمختلفة للناس أثناء النوم، هذه الجينات مسئولة عن حدوث دورات نوم العين السريعة REM، عند هذه المرحلة يكون الدماغ نشطاً كما في حالة اليقظة ولكن الجسم مشلول بشكل كامل.
متى يحدث الاضطراب في تعاقب مراحل النوم الطبيعية؟
في ليلة معينة، ينتقل الإنسان أثناء الليل من مرحلة نوم حركة العين غير السريعة N REM إلى نوم حركة العين السريعة REM أي بشكل معاكس لتعاقب مرحلتي النوم الطبيعي.
في الواقع لا أحد يعرف السبب الحقيقي لحدوث هذا الاضطراب في تعاقب النوم الطبيعي، لكن أسباب اضطراب مرحلة نوم العين السريعة وحدها معروفة، فهي مثبتة لارتباطها ببعض الأمراض العصبية، مثل الخرف و باركنسون، كذلك يرتبط النوم القليل بشكل عام بزيادة حدوث خطر الانتحار.
لهذا السبب يهتم العلم بفهم أساسيات النوم الطبيعي، فقد اكتشف العلماء بالفعل أن الانتقال من مرحلة نوم غير السريعة N REM إلى حركة العين السريعة ينطوي على ناقل عصبي هام يدعى اسيتيل كولين.
في الواقع يتواجد في الدماغ ست عشرة نوعا من المستقبلات الخلوية. وهي التي يمكن أن يرتبط فيها هذا الناقل العصبي المسمى اسيتيل كولين. حيث لم يكن من الواضح حتى الآن معرفة العناصر الأساسية لنوم الريم والتي كانت زائدة عن الحاجة في حدوث هذه الحالة.
ما هي أعرض حرمان النوم الطبيعي؟
الحرمان الليلي من النوم يمكن أن يكون سببا هام و مهددا للحياة. على سبيل المثال تم ربط الكثير من حوادث السير و المشكلات الشخصية. بالإضافة إلى ضعف الأداء الوظيفي واضطراب المزاج ومشاكل الذاكرة بقلة النوم.
حيث تختلف شدة الأعراض بين شخص وآخر، كما تختلف تباعا للمدة والمرحلة التي حدث فيها القلق الليلي. تشمل الأعراض العامة لاضطرابات النوم ما يلي:
- صعوبة في تحقيق النوم مباشرة بعد الخلود إلى الفراش.
- استحالة البقاء في حالة النوم الطبيعي حتى الصباح.
- الميول الدائم للنوم أثناء النهار و صعوبة في التركيز.
- التعب النهاري و الاكتئاب.
نصائح، للحصول على نوم طبيعي هادئ و مريح، يجب أن تكون درجة حرارة الغرفة بين 18 و 20 درجة مئوية بحسب توصيات مؤسسة النوم الوطنية الأمريكية، فهو أمر مهم جدا للوقاية من بعض الأمراض، مثل مرض السكري والسكتة الدماغية.
من أجل تعاقب مراحل النوم الطبيعي بالشكل السليم يجب ارتداء الملابس المريحة لتحسين الدورة الدموية. كما يجب استبدال الوسائد القديمة كل عامين. ويفضل الحفاظ على درجة حرارة الغرفة بين 18 و 20 درجة مئوية، وعدم تناول الحلويات والشوكولاتة والمنبهات.