يعدُّ ألبرت أينشتاين (Albert Einstein) أحد أعظم العقول على مرِّ العصور والأزمان. فقد وضع النظرية الشهيرة المسماة “نظرية النسبية” إحدى أكثر النظريات أهمية على الإطلاق.
من هو ألبرت أينشتاين؟
ألبرت أينشتاين (Albert Einstein) هو عالم فيزياء وُلِد في مدينة “أولم” الألمانية في 14 مارس/آذار 1879. وتوفي في مقاطعة “ميدلسكس” الواقعة في ولاية “نيو جيرسي” الأمريكية في 18 أبريل من عام 1955. طوَّر نظريتي النسبية العامة والخاصة في الفيزياء، وفاز بجائزة نوبل عن تفسيره ما يسمى بـ “المفعول الكهروضوئي”.
تزوج ألبرت مرتين في حياته، الأولى من عالمة الرياضيات “ميلفا ماريك”. التي أنجبت طفلتهما “ليسيرل” غير المعروفة قبل الزواج في عام 1902. والثانية من ابنة عمِّه “إلسا أينشتاين” التي دام زواجها بأينشتاين حتى توفيت عام 1936 في “نيو جيرسي”.
كانت “ليسيرل” ابنة ألبرت و”ميلفا” الأولى، وقد أطلقا عليها اسم “جوني” قبل ولادتها. إلا أنَّ مصيرها غير معروف، حيث يُقال أنَّه تمَّ تبنيها أو أنها توفيت بسبب مرض في 1903. وهذا على الأرجح ما حصل.
ألبرت أينشتاين وميلفا ماريك
وبخلاف “ليسيرل” كان لدى ألبرت أينشتاين طفلين ذكرين هما “هانز” ابن أينشتاين الأكبر و”إدوارد” الابن الثاني للعالم العبقري. كان هانز أينشتاين عبقرياً لامعاً، ورغم أن والده أراد منه دراسة الفيزياء، إلا أنه أحب الهندسة ومارس الهندسة الهيدروليكية. كما حصل على شهادة الدكتوراه في العلوم. أما “إدوارد” فقد أراد أن يصبح طبيباً نفسياً، لكنه -ولسوء الحظ- أصيب بالفصام. وبقي يعاني منه حتى مات في عام 1965.
حياة ألبرت أينشتاين
عاش العالم أينشتاين حياةً قدرها 76 سنةً أنجز خلالها الكثير من الإنجازات ذات الأهمية الكبيرة. وهو –كما معظم البشر- مرَّ بمراحل الطفولة والشباب والشيخوخة.
عائلة ألبرت ومرحلة طفولته
كان والد أينشتاين “هيرمان أينشتاين” مهندساً ورائد أعمال أسس شركة لإنتاج الأدوات الكهربائية. أما والدته فكانت تُدعى “بولين أينشتاين”. وقد غضبت من ابنها عندما تزوج “ميلفا”، إلا أنهما دفنا استياءهما من بعضهما لاحقاً. كان لـ ألبرت أخت واحدة دُعيت “مايا” أصغر منه بعامين، حيث ولدت في عام 1881، إلا أنها توفيت قبله بحوالي 4 سنين.
لم يألف ألبرت النظام التعليمي في مدرسة “لويتبولد جيمنازيوم” التي التحق بها في “ميونيخ” حيث اعتبره جامداً.
في طفولته، عانى أينشتاين من صعوبات في الكلام. لكنه لطالما أحب الموسيقى والعزف على الكمان، وشعر بالفضول وتميَّز بالتفكير العميق.
انتقلت عائلة أينشتاين للعيش في “ميلانو” في “إيطاليا” عندما كان لا يزال عمر ألبرت 15 عاماً، لكنه لم يذهب معهم. فقد تركه والده في منزل أحد أقربائه في “ميونيخ” لإكمال دراسته. تخلى ألبرت عن الأوراق الرسمية الألمانية عندما أصبح في سن الخدمة العسكرية، كي لا يؤدي الخدمة لأنه كان يكرهها جداً.
لطالما فكر أينشتاين بالطبيعة والضوء وأسرار الكون في طفولته، وتعرض للطرد من الصف بسبب شرود ذهنه في الحصص الدراسية. إلا أنه مع ذلك كان ذكياً، وحصل على درجات عالية في المواد العلمية.
دراسته
قبل أن يدخل الجامعة، كان على ألبرت أن يدرس الثانوية. ولذلك التحق بمدرسة في “أراو” في سويسرا، وسكن مع عائلة مدير المدرسة، ووقع هو وابنة المدير “ماري” بحبِّ بعضهما. إلا أنهما لم يتزوجا.
بعد أن أنهى ألبرت دراسة الثانوية في مدينة “أراو” في سويسرا، تقدم للدراسة في “المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا” (ETH Zurich). وحقق درجات عالية في امتحان القبول في الفيزياء والرياضيات، ساعدته على قبوله في المعهد عام 1895. والجدير بالذكر أنه كان قد تقدم للدراسة في المعهد السويسري في وقت سابق قبل دراسة الثانوية. إلا أنه لم يتم قبوله بسبب درجاته المتدنية في بعض المواد.
التقى ألبرت في المعهد في عام 1898 “ميلفا ماريك” -التي ستصبح زوجته فيما بعد- وأحبها بشدة.
تمكن ألبرت أينشتاين من اجتياز امتحانات التخرج من المعهد السويسري في 1900، وحصل على الجنسية السويسرية في عام 1901.
عمله
وجد أينشتاين عملاً ثابتاً بعدما تخرج بنحو عامين في مكتب براءات الاختراع السويسري. وأثناء العمل في المكتب، كان لديه الوقت الكافي للدراسة وتعزيز نظرياته حول ما أصبح يعرف لاحقاً بـ “مبدأ النسبية”.
تم النشر في عام 1905 أربع أوراق بحثية لأينشتاين في واحدة من أكثر المجلات شهرةً في مجال الفيزياء. كان لاثنتين منها عظيم الأثر في تحديد مسيرة أينشتاين ومسار علم الفيزياء على حد سواء. وهنا لا بدَّ أن نشير إلى مساندة زوجة ألبرت له ووقوفها إلى جانبه، حيث ساعدته كثيراً في دراسته وأبحاثه.
تحدثت الورقتان البحثيتان المهمتان عن “نظرية النسبية الخاصة” ومعادلة “الطاقة تساوي الكتلة ضرب مربع سرعة الضوء” (E=MC2). أما الورقتان الأخريان فقد تحدثتا عن “المفعول الكهروضوئي” وما يسمى بـ “الحركة البراونية”.
بقية حياته
أصبح ألبرت أينشتاين (Albert Einstein) أستاذ فيزياء نظرية في “براغ” في عام 1911. وفي 1912 ذهب إلى زيورخ وشغل منصباً مماثلاً وبعد عامين عُيِّن مديراً لـ “جمعية القيصر فيلهلم” للفيزياء وأستاذاً في جامعة برلين.
كذلك أصبح أينشتاين مواطناً ألمانياً في 1914، وعاش في برلين 19 عاماً منذ ذلك الحين. حيث تخلى عن جنسيته الألمانية في عام 1933. ورحل إلى أمريكا وأصبح أستاذاً للفيزياء النظرية في معهد الدراسات المتقدمة في “برنستون” في “نيو جيرسي”. أصبح ألبرت مواطناً أمريكياً في عام 1940، وتقاعد من منصبه في عام 1945.
منزل ألبرت أينشتاين في برينستون في نيوجيرسي
شعر أينشتاين في يوم 17 أبريل/نيسان من عام 1955 بألم شديد نجَم عن نزيف داخلي وتمدد في الأوعية الدموية في الأبهر البطني. فذهب مستشفى برنستون، لكنه لم يقبل العناية الطبية في ذلك الوقت. حيث قال: “أريد أن أذهب عندما أريد، لا طعم لإطالة العمر صناعياً، لقد أديت واجبي، حان وقت الرحيل، سأفعلها بأناقة”. وفي صباح اليوم التالي سمعته الممرضة المناوبة يقول بضع كلمات. إلا أنها لم تفهمها لأنها كانت بالألمانية، وبعد ذلك مات أينشتاين، وتمَّ إحراق جسده.
حصول ألبرت أينشتاين على جائزة نوبل
لم يسرِ زواج ألبرت الأول جيداً، حيث طلق الزوجان بعضهما في عام 1919. وقد تعهد أينشتاين -كجزء من تسوية الطلاق- أن تحصل زوجته على أية أموال تأتي إليه نتيجة الفوز بجائزة نوبل في المستقبل.
حصل أينشتاين على جائزة نوبل للفيزياء في عام 1921 عن تفسيره “المفعول الكهروضوئي”. إذ لم يكن معترفاً بنظرية النسبية التي وضعها على نطاق واسع، إلا أنه لم يستلم الجائزة حتى العام التالي.
إنجازات ألبرت أينشتاين
أفنى العالم ألبرت أينشتاين (Albert Einstein) حياته في البحث في مجال الفيزياء، وبالتحديد في نظريات الزمان والمكان والضوء والطاقة والنسبية. وقدم حزمة من الإنجازات للبشرية تكاد لا تضاهيها حزمة أخرى على مر التاريخ. وهنا نذكر لكم أهم إنجازات هذا العالم الفذ:
كمات الضوء
خلص أينشتاين إلى أنَّ الضوء عبارة عن كمَّات صغيرة من الطاقة سميت بـ “الفوتونات”. واقترح أن الفوتونات (كمات الضوء) هي عبارة عن جسميات وأمواج بنفس الوقت، وتلك كانت فكرة جديدة تماماً.
نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين
قد يكون من الصعب على البعض فهم النسبية الخاصة أو استيعابها. حيث أنها تقترح طبيعة غريبة للمكان والزمان.
قبل أينشتاين كان الناس يعتقدون أن الزمان والمكان مطلقان، أي يقيس أي راصد لهما نفس القيمة بعض النظر عن سرعته ومكانه. لكن بعد النسبية الخاصة لأينشتاين أصبح الزمان والمكان نسبيان، ولم يعد الطول وسرعة مرور الزمن ثابتين.
“لا شيء أسرع من الضوء” تقول النسبية الخاصة لأينشتاين، “والزمان والمكان ليسا مطلقين، إنما نسبيين”.
يقترح ألبرت أينشتاين في نظريته أن سرعة مرور الزمان تعتمد على عدة عوامل، مثل السرعة النسبية. فمثلاً إذا صعد أحد توأمين يبلغان من العمر 10 سنوات إلى مركبة فضائية. وتحركت هذه المركبة بسرعة قريبة من سرعة الضوء بالنسبة للأرض في الفضاء. ثم عادت إلى الأرض بعد أن أصبح عمر التوأم الذي على الأرض 50 عاماً. فلن يكون عمر الذي صعد على المركبة 50 عاماً أيضاً، وإنما أقلَّ من ذلك بكثير. وسيكون قد كبر فقط بضعَ سنوات. هذا بسبب أن الزمن يتمدد (أي يتباطأ) عندما يتحرك الجسم. ويمكن ملاحظة هذا التباطؤ عندما يسير الجسم بسرعات قريبة من سرعة الضوء بالنسبة إلى جسم آخر.
تبعاً للنسبية الخاصة، كلما زادت سرعة جسم بالنسبة إلى شخص ما، كلما رآه ذلك الشخص أقصر، وكلما زادت سرعة جسم، كلما زادت كتلته.
معادلة E=MC2
تعتبر هذه المعادلة إحدى أكثر المعادلات أهمية على الإطلاق، وتعني أنَّ أي جسم، مهما كانت كتلته صغيرة. يحوي كمية هائلة من الطاقة، فعندما تتحول كتلة جسم إلى طاقة. فإن الطاقة المنطلقة من جراء هذا التحول تساوي الكتلة مضروبة بمربع سرعة الضوء البالغة 300 ألف كيلومتر في الثانية تقريباً.
النظرية النسبية العامة لأينشتاين
النظرية العامة للنسبية هي نظرية مهمة للغاية نشرها ألبرت أينشتاين في عام 1916. وهي تصف الجاذبية. تقدم هذه النظرية وصفاً هندسياً للجاذبية، وتدمج الزمان والمكان ضمن نسيج مرن يسمى بـ “الزمكان”.
نشأت الجاذبية -تبعاً للنسبية العامة- كنتيجة لانحناء أو تشوه نسيج الزمكان. وينحني الزمكان عندما تؤثر عليه كتلة أو طاقة بوجودها.
وقد ساعدت هذه النظرية على دراسة وفهم عدسة الجاذبية والثقوب السوداء.
تشوه الزمكان أو انحناؤه
المفعول الكهروضوئي
ساعد اكتشاف أينشتاين أن الضوء يتكون من فوتونات تسلك سلوك الجسيمات على تفسير انبعاث إلكترونات من المعادن عندما يتم تعريضها إلى أشعة ضوئية.
وهذا ساعد على فهم كيفية عمل الخلايا الشمسية. حيث يسبب الضوء إطلاق الذرات لإلكترونات تُولِّد تياراً كهربائياً.
ازدواجية موجة-جسيم
بفضل أعمال “ألبرت أينتشاين” و”نيلز بور” و”ماكس بلانك” وآخرين أُثبت أن الأمواج تسلك سلوك الجسيمات. وكذلك الجسيمات تسلك سلوك الأمواج.
وقد أكد أينشتاين على أن الضوء يجب أن يعامل على أنه موجة وجسيم. فالفوتونات قد تتصرف كالجسيمات، وقد تتصرف كالأمواج أيضاً.
آراء ألبرت أينشتاين الدينية
في ربيع عام 1930 حضر ألبرت حفلة موسيقية للفرقة الموسيقية “أوركسترا برلين الفيلهارمونية” وعازفِ الكمان “يهودي مينوهين”. وفي نهاية الحفلة احتضن العالمُ العظيم العازفَ “يهودي مينوهين”، وقال: “الآن أعرف أن هناك إلهاً في السماء”.
تحدث ألبرت عن الله كثيراً في حياته، واستشهد به في نقاشاته الفيزيائية. قال أينشتاين: “إن الله لا يلعب النرد” عندما سمع أن ميكانيك الكم قائمة على الاحتمالات. فردَّ عليه بور قائلاً: “توقف عن إخبار الله ماذا سيفعل”.
نيلز بور وألبرت أينشتاين
ولكن مع ذلك، لم يكن ألبرت أينشتاين يؤمن بإله شخصي. حيث ينسب البعض إليه: “بالنسبة إلي، كلمة الله ليست أكثر من تعبير عن نقاط ضعف الإنسان”.
في الواقع، تخلص أينشتاين من المعتقدات التوراتية في سن المراهقة. ولم يستطع أن يتصور وجود إله يعاقب الناس ويكافئهم، ورفض الدفن اليهودي.
لكن هذا لا يعني أيضاً أن ألبرت أينشتاين كان يستخدم كلمة “الله” بشكل اصطلاحي فقط، فقد قال في حفل عشاء خيري: “ما يغضبني أن بعض الناس يقتبسون مني لدعم آراءِ عدم وجود إله”.
إذن، لم يكن أينشتاين يؤمن بالإله الشخصي المذكور في الديانات الإبراهيمية. لكنه أيضاً لم يكن ملحداً منكراً بشكل تام وجود الإله.
اقتباسات من كلام ألبرت أينشتاين
خلال حياته الحافلة، قال أينشتاين (Albert Einstein) الكثير من الكلام ذو المعنى العميق والجميل، ومن ذلك:
لم تنتهِ إنجازات ألبرت أينشتاين برحيله، فنحن لا نزال نستخدم نظرياته لتكوين نظريات جديدة في الفيزياء. وكذلك يعود الفضل لأينشتاين كونه شكَّل مصدر إلهام للكثير من العلماء الذين أتوا بعده.