الذكاء العاطفي عند الطفل من أهم وسائل التوجيه والتربية، والتنشئة الصحيحة؛ فالأطفال لا يملكون القدرة على التفكير بشكلٍ مستقلٍ ومنتظمٍ، ولذلك كان لزاماً علينا أن ننمي مهارة الذكاء العاطفي عند الناشئة، و نحفزهم ونساعدهم على التعرف على مشاعرهم، والتعبير عنها بطرائق مناسبة لا تتعارض مع المنظومة الدينية والأخلاقية. تعرف إلى أهميته في بناء الشخصية المتزنة، أيضًا 7 طرق لتنميته لدى الأطفال.
مفهوم الذكاء العاطفي
ينتج جهازنا النفسي العديد من المشاعر السلبية والإيجابية، فنحن نكره و نحب، ونسعد ونحزن، ونتفاءل ونتشاءم، وقد تكون هذه المشاعر معروفة بالنسبة لنا، وقد تكون مجهولة. فما مفهوم الذكاء العاطفي عند الطفل؟
وبتعريف بسيــــط لهذا المصطلح نقول إنه: هو قدرتنا على التحكم في عواطفنــــا ومشــــاعرنا المختلفة والمتناقضة، والاستفادة منها في ما ينفعنا.ويعرفه (دانيال جولمان) بأنه القدرة على التعرف على شعورنا الشخصي وشعور الآخرين، وذلك لتحفيز أنفسنا، ولإدارة عاطفتنا بشكل سليم في علاقتنا مع الآخرين.
أما مفهوم الذكاء العاطفي عند الأطفال الصغار فلا يختلف كثيرا عنه عند البالغين، إلا أن الناشئة فئة أكثر حساسيةٍ من الكبار فيما يتعلق بالمشاعر والعاطفة.
مقومات الذكاء العاطفي عند الطفل
لقد كشفت الدراسات، والبحوث العلمية الحديثة أن للذكاء العاطفي، مجموعة من المقومات والعناصر الفاعلة في تكوينه. وهذه الأخيرة تؤثر عليه بشكل كبير، بحيث أن إحصاءها أو الإلمام بأهمها يمكننا من التحكم فيه. والحقيقة أن هناك علاقة وطيدة بين مفهوم الذكاء العاطفي وبين مقوماته؛ لأن المقومات ليست إلا بحثا وظيفيا في مفهومه، واستجلاء لعناصره على شكل عملي.
ويمكن أن نجمل مقومات الذكاء العاطفي فيما يأتي:
ترقية أساليب التواصل
التواصل من أهم مقومات الذكاء العاطفي، وأساليب التواصل عديدة منها التواصل الشفهي والتواصل الكتابي، و التواصل الإيحائي كالفنون الصامتة والموسيقى وغيرها. ويعتبر المسرح من أهم الفنون الأدبية التي تجعل الإنسان يتواصل مع أخيه الإنسان، وأرقاها على الإطلاق.
الخبرات الاجتماعية
الخبرات الاجتماعية هي الأخرى من مقومات الذكاء العاطفي؛ لأنها تسهم بشكل كبير في التعرف على الذات. ونحن نعلم أن التعرف على الذات والوعي بها يؤدي إلى السيطرة على عواطفها وإدارتها، ومن ثمة توجيهها إلى ما ينفعها. فالمشكلة لا تكمن في التعرف على طبيعة العاطفة فقط، بل بإيجاد الطريقة الحقيقية للسيطرة والتحكم فيها، ولعل أغلب المشاكل العاطفية والنفسية تكمن في عدم امتلاك الخبرة الاجتماعية اللازمة للتعرف على الذات.
الذكاء العاطفي عند الناشئة وأهميته
تكمن أهمية الذكاء العاطفي عند الناشئة فيما يأتي:
- الذكاء العاطفي له دورٌ كبيرٌ في بناء شخصية الطفل؛ فالطفولة تعتبر مرحلة حساسة ومهمة أيضا، في تكوين شخصية الطفل.
- أكدت مباحث علم النفس – بزعامة سيغموند فرويد – أن مجمل مكونات الشخصية ترجع أساسا إلى مرحلة الطفولة.
- كبت المشاعر وعدم التعبير عنها يخلق أمراضا نفسية عويصة لذلك يجب تجنب المكبوتات عند الطفل.
- لما كان للذكاء العاطفي دورٌ بالغٌ في تأديب الشخصية وتوازن مشاعرها وسلوكــــاتها، وجب تنميته عند الطفل.
- كما أكدت العديد من الدراسات بأن تمرين الطفل وتدريبه على استقبال المشاعر يجعله شحصًا ناجحًا.
- تنمية الذكاء العاطفي تعلم الطفل قيم الصبر والتحدي.
تأثير الذكاء العاطفي على الناشئة في الوسط المدرسي
- لقد صرحت تانيا زينجر في مقالٍ لها كان قد نشر في صحيفة”دي فيلت” أن “الشعور بالآخر يعزز قيم التعاون والتعايش السلمي واهتمام الفرد بالمجتمع”.
- أسهمت الجهود المتعلقة به أيضا في خفض نسب العنف اللفظي والجسدي في الوسط المدرسي وخارجه.
- كما خفضت أيضا في نسب انتشار المخدرات والحبوب المهلوسة.
- تحسن ملحوظٌ في السلوك بين الطلاب.
- خلق جو أسري بين الطلاب، وانتشار قيم التسامح والعفو.
- تقليل في نسب الحالات العصابية، والأمراض النفسية.
- تقبل الطلبة لذواتهم والسعي إلى تطويرها، وتقبل الآخر أيضًا.
- الرضا بالإمكانيات الحياتية المختلفة والتعايش مع الظروف المختلفة.
تأثير الذكاء العاطفي على الناشئة في الوسط الأسري
يلعب الذكاء الاجتماعي دورًا كبيرًا في تنظيم العلاقات الاجتماعية بصفة عامة، غير أنه بالنسبة للعلاقات الأسرية تبدو أهميته أكبر، فالطفل قد يجد صعوبة أحيانًا في تقبل بعض المواقف والأوامر التي يصدرها الآباء في حقه، كما يصعب عليه تقبل معاملاتهم خاصة بالنسبة للإخوة الجدد، حيث يبدأ الطفل بالشعور بالغيرة (Jealousy) تجاه أخيه الجديد.
لذلك فإن الذكاء العاطفي عند الناشئة يعتبر من أبرز الوسائل التي تهيئ الطفل لتقبل علاقته مع الأسرة بكل مواقفها وملابساتها.
سبل تنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال الصغار
تتمثل سبل ترقية الانتباه العاطفي عند الطفل في ما يأتي:
طرق أخرى لتنمية الذكاء العاطفي عند الناشئة
- الوعي بالمشاعر والعواطف وتسميتها بأسمائها حتى نساعد الطفل بالتعرف على مشاعره والوعي بها، وننمي الإدراك العاطفي.
- دمج الطفل في المجتمع وعدم عزله حتى يحقق قيمة معرفية وخبرة اجتماعية، تمكنه من التواصل مع نفسه ومع الآخرين.
- تحفيز الطفل على تنمية مواهبه وهواياته حتى يتعلم تخريج الشحنات العاطفية بطريقة راقية ومتحضرة.
- ومن أهم هذه الهوايات الرياضة، الإبداع الكتابي، المسرح، وغيرها من النشاطات الهادفة.
- اللعب، يعد اللعب من أهم الطرائق، التي تساعد الطفل على التحكم في طاقته الحركية والعاطفية.
- يسهم اللعب كثيرًا في تنمية الإدراك العاطفي عند الناشئة، وتخريج الطاقة الإيجابية واستثمارها.
- ولذلك على البالغين أن يشجعوا الأطفال على اللعب في الأماكن المخصصة والمفتوحة كالمنتزهات الغابية والحدائق وغيرها.
يعتبر الاهتمام بتنمية الذكاء العاطفي عند الطفل، من أهم طرائق بناء الشخصية واتزانها، وتقويمها ليغدو في المستقبل فردا صالحًا وناجحًا ومتميزًا. ولذلك على الكبار تعليم أبناءهم فهم مشاعرهم والتعبير عنها. كما عليهم الاهتمام بجميع مقوماته عند الطفل وتذكيتها.