الأغذية الوظيفية، أو كما يطلق عليها أيضًا المغذيات nutraceuticals، وتوجد في كل المكونات الغذائية التي نتناولها عادة، بالإضافة إلى أنواع أغذية وظيفية يتم تدعيمها خصيصًا لزيادة القيمة الغذائية، وبالتالي الفوائد المكتسبة. لذلك ينصح باتباع مختلف الطرق لتضمين الأغذية الوظيفية في النظام الغذائي ليكون متكاملًا، وللحصول على أقصى المنافع، وفي هذه المقالة تعرف معنا على فوائد الشائعة وطرق تضمينها في النظام الغذائي.
ما هي الأغذية الوظيفية؟
نشأ مصطلح الأغذية الوظيفية في اليابان، وتحديدًا عام 1980م، عندما بدأت المؤسسات الحكومية بتحسين الغذاء عبر دعمه بالفوائد، في مسعى منها لتعزيز صحة السكان العامة. ثم ذاع صيتها بشكل كبير فيما بعد.
هي عبارة عن مكونات وأطعمة تقدم فوائد صحية أكبر من قيمتها الغذائية الأصلية، ويعود السبب إلى غناها بالمواد المغذية، وارتباطها بالكثير من الفوائد الفعالة، التي تحسن الصحة النفسية أو الجسدية، أو تقلل خطر الإصابة بأمراض محددة، وتحمي من نقص الغذاء، بالإضافة إلى تعزيز النمو والتطور المناسب.
أنواع الأغذية الوظيفية
تقسم عادة الأغذية الوظيفية إلى فئتين: العادية، والمعدلّة.
الأغذية العادية
هي مكونات طعام طبيعية، وكاملة، غنية بمكونات وعناصر غذائية هامة مفيدة على المستوى الصحي، مثل: المعادن، ومضادات الأكسدة، والدهون الصحية للقلب. من أمثلة هذه الأغذية:
- الفاكهة: كالتوت، والكيوي، والإجاص، والخوخ والدراق، والتفاح، والبرتقال، والموز.
- الخضار: مثل؛ البروكلي، القرنبيط، اللفت، السبانخ، والكوسا.
- المكسرات: اللوز، والكاجو، والفستق الحلبي، والبندق، والجوز البرازيلي.
- البذور: كبذور الشيا، والكتان، والقنب، واليقطين.
- البقوليات: الفول، والحمّص، والعدس، والفاصوليا البيضاء.
- الحبوب الكاملة: كالشوفان، والشعير، والحنطة السوداء، الأرز البني، الكسكوس.
- المأكولات البحرية: السلمون، السردين، الأنشوفة، القد، الاسقمري.
- الأغذية المدعّمة: التمبي (منتج صويا أندونيسي)، الكومبوتشا (مشروب مخمر يحضر من البكتيريا والخمائر، ينتشر في الصين وروسيا)، وساوركراوت أو مخلل الملفوف وغيرها.
- الأعشاب والتوابل: من أمثلتها؛ القرفة، والكركم، والزنجبيل، والفلفل الحار.
- المشروبات: كالشاي الأخضر والأسود، والقهوة.
الأغذية المعدلة
أطعمة مدعّمة بمكونات إضافية، كالفيتامينات، والمعادن، والبروبيوتيك أو الألياف الغذائية أو الحموض الدهنية، وذلك بهدف زيادة الفوائد الصحية. من أمثلتها:
- العصائر المدعمة: منتجات الألبان المدعمة كالحليب والزبادي.
- بدائل الحليب المدعمة: مثل حليب اللوز، والأرز، وحليب جوز الهند، والكاجو.
- الحبوب المدعمة: كالخبز، والمعكرونة.
- حبوب الإفطار والكرانولا المدعمة.
- البيض المدعّم.
فوائد الأغذية الوظيفية
ترتبط العديد من الفوائد الصحية بهذه الأغذية، وفيما يلي أبرز 3 فوائد شائعة لها:
الحماية من نقص العناصر الغذائية
ذلك أن الأغذية الوظيفية عادة غنية بالمغذيات الضرورية، والتي تشمل الفيتامينات، والمعادن، والدهون الصحية، والألياف. لذلك ينصح بتضمينها بنوعيها العادي والمدعّم في النظام الغذائي.
في الواقع؛ تراجعت معدلات نقص المغذيات حول العالم بشكل واضح منذ إنتاج الأغذية المدعّمة.
مثال؛ بعد إنتاج دقيق القمح المدعم بالحديد في الأردن، تراجعت معدلات مرض فقر الدم بسبب نقص الحديد بين الأطفال إلى النصف تقريبًا.
يستخدم التدعيم (Fortification) في الوقاية من حالات أخرى يسببها نقص المغذيات، منها:
- الكساح (rickets).
- تضخم الغدة الدرقية (goiter).
- العيوب الخلقية (birth defects).
الأغذية الوظيفية للوقاية من الأمراض
تمنح الأغذية الوظيفية مواد غذائية هامة، والتي تساعد في الحماية من الإصابة بالأمراض.
فالكثير منها غني بمضادات الأكسدة تحديدًا، تساعد هذه الجزيئات في تعطيل المركبات الضارة، التي تُعرف بالخلايا الحرة (free radicals)، ما يساهم في منع تلف الخلايا، وحالات مزمنة، تتضمن مرض القلب، والسرطان، والسكري.
تأتي بعض الأغذية الوظيفية غنية بالحمض الدهني أوميغا 3، وهو نوع صحي من الدهون، تبين أنه يخفف الالتهابات، ويعزز وظيفة الدماغ، وصحة القلب.
هناك أنواع أخرى غنية بالألياف، والتي تحسن السيطرة على سكر الدم، وتحمي من حالات صحية، مثل السكري، والسمنة، والسكتات الدماغية، ومرض القلب. أيضًا تحمي الألياف من الاضطرابات الهضمية، بما فيها التهاب الرتج، وقرحة المعدة، والارتجاع الحمضي (ارتجاع المريء أو حموضة المعدة)، والبواسير.
تعزيز النمو والتطور السليم
يساهم وجود مجموعة كبيرة من الأغذية الوظيفية الغنية بالمغذيات في النظام الغذائي في تلبية الحاجات الغذائية بشكل مؤكد. خاصة تلك الأغذية المدعمة بمغذيات معينة ضرورية للنمو والتطور السليم عند الرضّع والأطفال. مثلًا؛ غالبًا ما يتم تدعيم الحبوب، والطحين بفيتامين B، مثل حمض الفوليك، وهو أساسي لصحة الجنين، ذلك أن انخفاض مستوياته تزيد خطر عيوب الأنبوب العصبي، الذي يؤثر على الحبل الشوكي، والعمود الفقري، والدماغ، في حين تبين أن زيادة استهلاك حمض الفوليك يقلص من انتشار هذه العيوب حتى 50-70%. وعادة ما تلعب المواد الغذائية التي تتواجد في الأغذية الوظيفية دورًا رئيسيًا في النمو والتطور، بما تحتويه من أوميغا 3، وكالسيوم، وحديد، وزنك، وفيتامين B12.
طرق تضمين الأغذية الوظيفية في النظام الغذائي
قد يكون تضمين الأغذية الوظيفية في النظام الغذائي أمرًا يسيرًا، من خلال التفكير والتخطيط، ودون الحاجة لكلفة كبيرة. يعتبر إدخال كمية وافرة من الأغذية النباتية، بالإضافة إلى البروتين الصحي، وكذلك مشتقات الألبان، طريقة موثوقة للحصول على الكمية المطلوبة من الأغذية الوظيفية. مع اتباع الخطوات التالية:
فيما يخص طبق الطعام
يملأ معظم الطبق بطعام نباتي في كل وجبة، مع ملء النصف بالفاكهة والخضار مثل الحبوب الكاملة، والفول والفاصوليا، والمكسرات، والصويا، الغنية بالـ Phytochemicals، وهي مواد كيميائية نباتية معزِزة للصحة، ونوع خاص من المركبات النشطة بيولوجيًا، وكلما زاد استهلاك هذه الأطعمة بشكل منتظم، كلما حصلنا أكثر على هذه المواد المفيدة.
الحصول على مجموعة مختلفة من الألوان
عند اختيار أغذية نباتية، ينصح بانتقاء ألوان مختلفة منها. فاستهلاك نباتات ذات ألوان مختلفة يزيد الفرصة لاستهلاك مجموعة متنوعة أكثر من Phytochemicals التي غالبًا ما توجد على شكل لون، كما توجد أيضًا في الأطعمة البيضاء أو عديمة اللون، مثل الثوم، والبصل.
الأغذية الوظيفية وأهمية التنوع في الأطعمة
صحيح أن الخضار والفواكه هي المصدر الأوفر بالـ Phytochemicals، لكن استهلاك أطعمة من مجموعات غذاء مختلفة هي أمر جوهري للمحافظة على الصحة. لذلك ينبغي اختيار أطعمة متنوعة من مختلف المجموعات الغذائية، بالإضافة إلى التنويع ضمن المجموعة نفسها، مثلًا يجب استهلاك أنواع مختلفة من الفاكهة والخضراوات، وأنواع مختلفة من الحبوب الكاملة، مثل الأرز، القمح، والشوفان، وكذلك بروتينات مختلفة كالسمك، والدجاج، والبقول، والمكسرات. وعند تناول مشتقات الألبان ينبغي التفكير باستهلاك الحليب، والزبادي، والجبن. مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لا يتوفر غذاء واحد يقدم كل المغذيات الضرورية لاستمرار الحياة، بل نحصل على فوائد أكثر من التنويع في الأطعمة.
- يحمر البروكلي بزيت الزيتون، والثوم المهروس، ويعصر فوقه القليل من الليمون.
- يحضر الشوفان المجروش، ويرش فوقه الجوز المفروم والتوت، ثم بذور الكتان.
- يحمّص الشمندر، ويوضع عليه صوص الزبادي.
- تقطع البندورة، وترش بزيت الزيتون، والخل البلسمي، والبقدونس المفروم.
- توضع شريحة من السلمون على طبقة من السبانخ، وفوقها شرائح الفراولة، واللوز المقشر.
- سلطة الفول مع البصل المفروم، والبندورة وصلصة الخل.
تحضير أطعمة بطرق مختلفة
إن التنويع في طرق تحضير الطعام أمر هام مثله مثل اختيار الأغذية المتنوعة، ذلك أن تقنيات التحضير المختلفة تعكس تأثيرات مختلفة على الأطعمة وعناصرها الغذائية. مثلًا، قد يدمر الطهي باستخدام الحرارة بعض المركبات، لكنه يحسن التوافر البيولوجي لأخرى. وهذا قد يتباين من نوع لآخر. على سبيل المثال: فيتامين C حساس للحرارة المرتفعة، وقد يدمر بعضه بسبب ذلك، بالمقابل؛ فإن فيتامين A يستقر أكثر بالتسخين. مثال آخر: عند تحضير الطعام، فإن التسخين وإضافة زيوت مثل زيت الزيتون إلى البندورة، يزيدان من توافر مركب كيميائي نباتي وكاروتينيد يسمى اللايكوبين (lycopene)، ليستخدمه الجسم.
تقليل كمية الأغذية المصنعة
تكون الأغذية المصنّعة عادة منخفضة بالمغذيات، ومرتفعة بالسكر المكرر، والصوديوم، والدهون المشبعة، ويستهلكها الأمريكيون بشك فائض، وتعتبر المذنب الأول وراء الكثير من الأمراض المزمنة التي تؤثر اليوم على المجتمع بكامله.
إن التخفيف من هذه الأغذية غير المفيدة، يفسح مجالًا للأطعمة الكاملة والأكثر تغذية، وهذا لا يعني التوقف عن تناولها بشكل كامل، بل يمكن الاستمتاع بكل شيء لكن باعتدال، فالتوازن هو مفتاح للتمتع بالطعام، وبنفس الوقت يزود الجسم بالمغذيات التي يحتاجها ليبقى صحيًا، ويقلل خطر الإصابة بالمرض.
ختامًا؛ توفر الأغذية الوظيفية فوائد صحية أكبر من قيمتها الغذائية، بما فيها الأغذية العادية والمعدلة، والمدعمة. في الحقيقة؛ هي تساعد في سد كل ثغرات النظام الغذائي. ما يحمي من نقص المغذيات، بالإضافة إلى تحسين الصحة. وذلك عن طريق تعزيز كميات المغذيات الهامة، كالفيتامينات، والألياف، والمعادن، وغيرها.