جوزيف ليستر (Joseph Lister)؛ مخترع التعقيم والتطهير الذي أحدث ثورة في علوم الطب والجراحة. جاء اختراعه بعد نشر لويس باستور ورقة بحثية عن دور الجراثيم في إحداث المرض. حيث قام باستخدام حمض الكربونيك في تعقيم كل شيء قبل وأثناء الجراحة ونتج عن ذلك انخفاض كبير في عدد الوفيات. فلنتعرف على أهم 5 مناصب حصل عليها مخترع التعقيم والتطهير.
Please enable JavaScript
من هو جوزيف ليستر؟
في الحقيقة، إذا أردنا ان نكتب تعريفاً عن شخص مثل جوزيف ليستر علينا أن نتخيّل العالم بدون عمليات جراحيّة. ثم نتخيل الطب بدون إجراءات الجراحة الضرورية لعلاج كثير من الأمراض واستئصال كثير من الأورام والسرطانات. حتى ذلك الجرح الصغير في الإصبع بدونه لم نكن لنستطع خياطته. وبذلك يكون هذا الإنسان الشخصية العظيمة التي بفضلها وصلت الجراحة إلى ماهي عليه الآن. فهو من أهم الأطباء عبر تاريخ البشرية وتاريخ الطب بشكل خاص لأنه مكتشف التعقيم في العمليات الجراحية.
نشأة وتعليم Joseph Lister
في مدينة تدعى إبتون تابعة لمقاطعة إسكس في إنكلترا، ولد مكتشف التعقيم وذلك في الخامس من شهر نيسان (أبريل) لعام 1827. أحبّ الطّب ووجد شغفه فيه فدرس الطّب البشري في جامعة لندن العريقة أكبر جامعات أوروبا وتخرّج منها عام 1852 طبيباً مميزاً وصاحب شخصية طبية غير مسبوقة.
بدايات مليئة بالشغف
لقد اهتم منذ طفولته بكل ما يخص الجسم البشري. علاوة على ذلك، شغفه أن يكتشف تركيب الخلية والبنى الداخلية لجسم الإنسان. ففي سنوات دراسته الأولى درس في هيتشن وتوتنهام البريطانيتين وتعلّم فيهما العلوم الأساسيّة كالرّياضيات والعلوم الطبيعيّة و اللغة.
ليستر ودراسة الطّب
بعد دراسته في هيتشن وتوتنهام انتقل جوزيف ليستر إلى لندن حيث أكمل دراسته في الطب البشري في كلية لندن وتخرّج منها عام 1852. بعد ذلك، بدأ تخصصه وممارسته للجراحة في مدينة إدنبرة وتلا ذلك انتقاله إلى المستشفى الملكي بغلاسكو. هناك، اكتسب أهميّة بالغة واعتبر في ذلك الوقت الجرّاح الرئيس في المستشفى بسبب مهارته العالية.
جوزيف ليستر مخترع التعقيم والتطهير
بدأ جوزيف ليستر يلحظ تزايداً في أعداد الموتى بعد عمليات الجراحة وتساءل كثيراً عن السبب. ثمّ بدأ يبحث عنه وكانت أوّل خطواته هي حرصه على القيام بعملياته في بيئة نظيفة. فاهتم بنظافة المكان ونظافة الأدوات لكنه رغم كل ذلك لم يستطع تقليص أعداد الوفيات.
لويس باستور يضيء الطريق
ظلّت الحال على ما هي عليه حتّى العام 1865. حيث قام العالم لويس باستور بنشر ورقة بحثية تحدّث فيها عن دور الجراثيم في إحداث المرض. وبأن هذه الأحياء الدّقيقة البكتيرية هي المسؤولة عن الإمراضيّات المختلفة التي تصيب بدن الإنسان.
دراسات مجهرية تقود جوسيف ليستر
بسبب اهتمامه بدراسات دقيقة على الأنسجة، بدأ الجراح البريطاني طليعة تجاربه بدراسة التغير المجهري الذي يحدث في النسيج خلال الالتهاب Inflammation. ثم تمعّن في أبحاث لويس باستور وأدرك أن العضيّات الدقيقة عندما تصبح بتماس مع الجرح المفتوح تحدث فيه التهاباً.
التفكير الناقد والاكتشاف
فكّر جوزيف ليستر بما جاء في بحث لويس باستور. واستخلص منه فكرة عظيمة أوقدت شرارة اكتشافه. وهي أنّه فيما لو كانت هذه الباكتيريا هي المسبّبة للمرض، إذاً لعلاج هذا المرض نحتاج لقتل هذه الباكتيريا.
جوسيف ليستر والتعقيم
كان لويس باستور قد أشار في ورقته البحثية إلى أن الحرارة العالية تستطيع قتل الجراثيم. لكن ذلك غير ممكن تطبيقه عملياً على جسم الإنسان. لذلك، بدأ تجاربه وأبحاثه باحثاً عن مادة كيميائية يمكنها أن تؤدي دور الحرارة في قتل الجراثيم.
حمض الكربونيك ودوره
كانت فكرة استخدام حمض الكربونيك في التعقيم بسبب خبر قرأه جوزيف ليستر عن استخدام هذا الحمض لتعقيم مياه المجاري في أحد مناطق بريطانيا. حيث قام الأهالي باستخدامه ولاحظوا انخفاض مستوى الأمراض في منطقتهم.
الخطوة التالية
سعى الجراح البريطاني لتطوير طريقة يستثمر فيها هذه المادة في التعقيم. حتى استخدم أخيراً مادة حمض الكربونيك في التعقيم. وشرع بعدها بتعقيم يديه وملابسه وطاولة الجراحة والأدوات وكلّ شيء محيط بالمريض في غرفة الجراحة.
نتائج مبهرة حصدها جوزيف
بالطبع، كان لفكرته أثر بليغ الأهمية تجلّى ذلك بانخفاض نسبة الوفيات بعد الجراحة حوالي 30% قبل ابتكاره نظام التعقيم. وذكر الأدب الطبي أن نسبة الوفيات كانت قبل ابتكاره نظام التعقيم 45% عام 1861، ثم انخفضت بعد ابتكاره لنظام التعقيم إلى حوالي 15% عام 1869. وبذلك يكون لويس باستور صنع الشعلة وجوزيف ليستر أوقد النار.
أول عملية بعد ابتكار التعقيم
بتاريخ الثاني عشر من شهر آب (أغسطس) وبالتحديد في عام 1865، كان مكتشف التعقيم على موعد مع نجاح مبهر يثبت فعالية ابتكاره. حيث استخدم حمض الكربونيك في تعقيم الملابس والأدوات. علاوة على ذلك، كان يستخدم ضمادات عقيمة ويمدّدها فوق الجرح لتعقيمه ومنع الغزو الجرثومي.
- تفاصيل الجراحة
كان المريض طفلاً يبلغ من العمر 11 سنة يدعى جيمس غرينليز. وقد خلّد اسمه في الأدب الطبي لأنه كان أول مريض يخضع لجراحة عقيمة بطريقة جوزيف ليستر. ثم تنجح العملية ويشفى الطفل تماماً بدون أي اختلاط أو إنتان أو تعفن تالي للجراحة.
- أولى أبحاث جوسيف ليستر
منحت تلك العملية مكتشف التعقيم ثقة أكبر بابتكاره فقد أثبتت فاعلية التعقيم بحمض الكربونيك. نتيجة ذلك، وفي عام 1867، نشر جوزيف ليستر أول بحث علمي له تحدث فيه عن ابتكاره وعن فاعلية حمض الكربونيك في التعقيم. علاوة على ذلك، ألقى العديد من المحاضرات بهذا الشأن.
أهمية اكتشاف جوسيف ليستر
لا يمكن تخيّل العمليات الجراحية الآن بدون اكتشاف جوزيف ليستر. علاوة على ذلك، لا يمكن أن نتخيل ثورة التقدم والتطور التي لحقت بعلوم الجراحة والطب على حدّ سواء بدون اكتشافه. فالتعقيم في الوقت الحالي يعدّ حجر الأساس في المستشفيات كلّها ليس فقط في الجراحة وحسب. علاوة على ذلك، لا يمكن لطبيب جرّاح في إسعاف المستشفى أن يخيط جرحاً صغيراً في الإصبع بدون البوفيدون والمطهرات والمعقمات فهي ركيزة أساسية لإجراء الجراحة.
قبل ابتكار التعقيم
عانى الطب في بداياته من خلل كبير ليس فقط في التقنيات وحسب بل في الأدوات أيضاً. فعلى سبيل المثال، لم يكن قد ابتكر أي شيء يساهم في تخدير المريض وكان عليه أن يتحمّل آلام البضع والجراحة. ثم لحقت ذلك مشكلة عدم وجود العقامة، مما يعني أن الجراثيم كانت تنتقل من أيدي الجراحين ومن الأدوات المستخدمة وغيرها لتتكاثر فوق جرح المريض المفتوح. الأمر الذي يؤدّي في النهاية لحدوث إنتان الجرح وتعفّنه.
دور الجراثيم في إحداث المرض
إن الأحياء الدقيقة من مجموعة الجراثيم بمجرد دخولها الجسم تستطيع أن تلحق به الإنتان والمرض. وما الالتهاب و الحمى إلا أعراض وإمراضيّات سببها الغزو الجرثومي للبدن. لذلك كان لابد من إيجاد طريقة تستطيع منع دخول هذه الجراثيم أو القضاء عليها ومن هنا أتت أهمية اكتشاف جوزيف ليستر.
موقف الأطباء من ابتكار ليستر
في الحقيقة، لم يستقبل أحد ابتكار جوزيف ليستر مخترع التعقيم بالهتاف والتصفيق بل على العكس تماماً. علاوة على ذلك، قوبل بالسخرية والرفض ولم يكن أحد مقتنعاً بما فعله جوزيف. استمر ذلك لوقت ليس بقليل حتى أثبتت نظرية جوزيف ليستر وبرهنت صحّتها وفاعليتها. ثم بدأت بالانتشار الواسع وشملت أنحاء لندن ثم عبرت منها إلى أوروبا كلّها.
أوسمة ومناصب حصل عليها
إليك أهم 5 امتيازات حصل عليها مكتشف التعقيم:
جوزيف ليستر يترك أثراً خالداً
يمكننا القول أن الإنسان لا يموت عندما يعلن جهاز المونيتور ذلك، بل إنه يموت عندما ينسى. ولأن جوزيف ليستر كان الشخص الذي حقق نقلة نوعية في تاريخ الطب والجراحة وبدون اكتشافه ربما لم يكن لفن الجراحة وجود. كان لابدّ من إحياء ذكراه على امتداد عصور وأجيال لاحقة.
- تكريمات لجوسيف ليستر
بعد وفاة مخترع التعقيم في العام 1912، ووفاءً لرجل عظيم ساهم بحفظ حياة الناس وإنقاذهم من الموت والأوجاع والمرض. تم إطلاق اسمه على كثير من الطرقات والشوارع الرئيسة في مختلف الدول. علاوة على ذلك، أطلق البريطانيون اسمه على أحد أشهر جبال القارة القطبية الجنوبية.
كان جوزيف ليستر جريئاً وشجاعاً تمسّك بأفكاره وسهر الليالي لإثبات صحّتها. اليوم وبعد مرور زمن طويل مازلنا نتناقل سجاياه وننسب له الفضل الأكبر في إحداث ثورة العلم في الطب والجراحة.