كم مرةً تنظر في المرآة كل يوم؟ هل يمكنك أن تتخيل عدم قدرتك على النظر إلى المرآة بسبب أن الخوف يملؤك عندما تراها أو عندما ترى انعكاسك فيها؟ بالنسبة لبعض الأشخاص، هذا ما يحدث تمامًا، إنّ رهاب المرايا (سبكتروفوبيا) هو رهاب نادر يتسبب في خوف المرضى بشكل غير منطقي من المرايا أو من رؤية أنفسهم في المرآة، فما هو رهاب المرايا، ما أسبابه، وما أعراضه، وما أنواع رهاب المرايا، وهل له علاج؟
Please enable JavaScript
ما هو رهاب المرايا؟
يعد رهاب المرايا رهابًا نادرَ الوجود، ولكن إن تواجدَ تعتبر مشكلة حقيقية، ذلك لأنّ درجة خطورته عالية جدًا، يمكن تعريف رهاب المرايا سبكتروفوبيا على أنه الخوف غير المنطقي الذي يصيب الإنسان في حال:
- الاقتراب من المرأة.
- رؤية ما ينعكس عليها.
كما أنّ له عدة اسماء فقد يشار إليه برهاب الأيسوبتروفوبيا أو رهاب الكاتوبتروفوبيا، قد يكون الأفراد المصابون برهاب المرايا خائفين للغاية من إحدى هذه الأشياء:
- انعكاسهم الخاص.
- المرآة نفسها.
- اعتقادهم أن المرايا تسكنها الأشباح التي قد تظهر بأي لحظة.
كباقي أنواع الرهاب الأخرى، لرهاب المرايا أسباب وأنواع وأعراض وطرق علاج معينة، حيث يجب معالجة رهاب المرايا متى ما تم تشخيصه، لأنه قد يؤثر على سير حياة الإنسان في كل مستويات حياته، مما يؤدي إلى إرهاقه بشكلٍ غير معقول، وقد يؤدي أيضا في أسوأ الأحوال إلى انسحابه اجتماعيًا.
ما الذي يسبب رهاب المرايا؟
قد يكون رهاب المرايا ناتجًا عن حدثٍ صادم، لكن هذا ليس هو الحال بالنسبة لكل من يعاني منه، حيث تشير الأبحاث إلى أن العوامل الوراثية والبيئية قد تلعب أيضا دورًا في تطوير أنوعًا معينة من الرهاب، يمكن أن يظهر رهَاب المَرايا بعدة طرق اعتمادًا على الفرد وتجربته الفريدة وعلم الوراثة، وكالتالي نقدم لكم أهم 4 أسباب لحدوث سبكتروفوبيا:
فرط نشاط اللوزة الدماغية
معظم الأطفال والبالغون الذين يعانون من فرط نشاط اللوزة الدماغية (جزء من الدماغ يشارك في المشاعر والسلوك) يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض رهاب معينة، ولا يقتصر هذا على نوع رهاب معين كرهاب المرايا، بل يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بأنواع رهاب أخرى، مثل:
عدم التأقلم مع الخوف
بمعنى أنّ الأشياء أو المواقف التي يمكن أن يُنظر إليها على أنها لا تشكل خوفًا من نظر الدماغ بمرور الوقت، يجب فعلاً ألا تشكل خوفاً، بل في هذه الحالة تستمر في إثارة استجابة الخوف عند المرضى، حيث يعتبر من أكثر أسباب رهاب المرايا شيوعاً.
التجارب الماضية
من الممكن أن تؤثر تجارب الماضي على المصاب بدرجة كبيرة، خاصةً إذا كانت تجارب بيئية مؤلمة، وغالباً ما ترتبط هذه التجارب بشعور الخوف والرهبة من:
- الأشباح.
- الانعكاسات.
- الظواهر الخارقة.
الصدمات
قد يصاب برهابِ المَرايا أي شخص عانى من حدث صادم يتضمن على مرآة.
أعراض رهاب المرايا
مثل أنواع الرهاب الأخرى، فإن أعراض رهاب المرايا (سبكتروفوبيا) قد تكون جسدية من جهة ونفسية من جهة أخرى، حيث تتكون أعراض الرهاب الجسدية نتيجة تغيرات فسيولوجية حدثت استجابةً للخوف أو الخطر، باعتبار الأدرينالين جزء رئيسي من هذه الاستجابة، فهو الهرمون الأساسي الذي إن ارتفع، يكوّن لدى الإنسان استجابة في القتال أو في الهروب حسب الحالة المطروحة.
الأعراض الجسدية لرهاب المرايا
من أكثر أعراض رهاب المرايا الجسدية شيوعًا ما يلي:
- الشعور بضيق في الصدر.
- ضيق في التنفس.
- الدوخة أو الشعور بالدوار.
- الإغماء.
- الغثيان والرغبة في التقيؤ.
- فرط التعرق.
- القشعريرة.
- الرجفة أو الاهتزاز.
الأعراض النفسية لرهاب المرايا
تشمل أعراض رهاب المرايا النفسية ما يلي:
- تجنب المرايا والأسطح العاكسة الأخرى.
- الخوف أو القلق بشأن الاضطرار إلى النظر في المرآة.
- الشعور بالذنب أو الخجل من الخوف من المرايا.
- الضيق الشديد أو الذعر أو الرغبة في الفرار عند النظر في المرآة أو الأسطح العاكسة الأخرى.
- الاعتراف بأن الخوف من المرايا أمر غير منطقي.
مضاعفات فوبيا المرايا
تشمل المضاعفات المحتملة الأخرى لمرض رهَاب المَرايا ما يلي:
- الاكتئاب.
- القلق.
- التفكير في الانتحار.
- العزلة الاجتماعية المؤدية إلى الوحدة.
- حدوث مشاكل على صعيد العمل وأماكن الدراسة والعلاقات الاجتماعية.
- تعاطي المخدرات.
- إدمان الكحول.
علاج رهاب المرايا
ينصح الخبراء بمعالجة الرهاب كرهاب المرايا عندما يصبح مزعجًا للمريض، أي بمعنى عندما يصبح مؤثرًا في عدم قدرتك على العمل بشكل طبيعي أو عدم استطاعتك تكوين علاقات عمل ومدرسة واجتماعية وشخصية طبيعية. لحسن الحظ، هناك الكثير من العلاجات المتاحة للتغلب على رهاب المرايا، ومن أبرز هذه العلاجات التالي:
العلاج النفسي
في أغلب الأحيان، يتربع العلاج النفسي على عرش طرق العلاج، وذلك للأرهبة بأنواعها وليس فقط رهَاب المَرايا، وما جعله هكذا هو كونه أحد أكثر طرق العلاج فاعليةً على الإطلاق، كما يمكن اللجوء إلى العلاج النفسي جنبًا إلى جنب مع الأدوية أو بمفرده.
يجدر القول أن الأساليب العلاجية ستختلف اعتمادًا على حالتك المرضية ومدى سوءها، بالإضافة إلى أسلوب علاج طبيبك النفسي، حيث تتضمن بعض الأساليب الشائعة المستخدمة لعلاج أنواع معينة من الرهاب ما يلي:
- العلاج السلوكي المعرفي.
- العلاج بالتعرض في الجسم الحي.
- علاج التعرض للواقع الافتراضي.
- حركة العين الحساسة وإعادة المعالجه.
- العلاج الجماعي.
العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
يتضمن هذا العلاج التعرف الواسع على الأفكار والمشاعر والسلوكيات السلبية من أجل تغييرها، حيث يساعدك المعالج النفسي في هذه الطريقة العلاجية على تغيير أفكارك القديمة التي يسودها الخوف والرهبة، واعتماد معتقدات جديدة إيجابية حول خوفك، كما تتضمن هذه الطريقة العلاجية بناء الثقة اللازمة بشأن قدرتك على مواجهة مخاوفك.
علاج التعرض
أما عن هذا النوع من العلاج فهو يتضمن تعريض المصاب بالتدريج إلى مصدر خوفه، الذي يكون في حالة رهاب المرايا، أي مرآة موجودة بأي شكلٍ كانت. حيث يتم ذلك على الشكل التالي:
- يبدأ التحفيز بتعرض خفيف لمصدر الخوف، ربما مجرد التفكير في المرايا.
- يلاحظ بعدها المعالج النفسي أنك بدأت تشعر بالخوف.
- يساعدك عندها المعالج على استخدام استراتيجيات تقليل القلق.
- يرصد المعالج أنك اجتزت خوفك من مصدر الخوف الذي وضع بشكلٍ خفيف.
- يزيد أخيرا المعالج النفسي من حدة التعرض تدريجيًا، حتى ذهاب الرهاب تماماً.
العلاج بالكلام
إنه العلاج المفضل لمرض رهاب المرايا، وذلك عندما تكون درجة الإصابة به خفيفة، فهو يماز بتوفير راحة طويلة الأمد من القلق والضيق الملازمان للرهاب. ومع ذلك، قد يكون استهلاك الأدوية مفيدًا معه، في العادة، يلجأ الطبيب النفسي إلى هذه النوعية من العلاج في حالة الرهاب الذي يكون مؤقتاً، على سبيل المثال: رهاب الطيران.
دواء رهاب المرايا
لا يتطلب علاج رهاب الطيف عادةً استهلاك أي نوع من أنواع الأدوية، ولكن الأدوية ذات التأثير النفساني ضرورية في بعض الأحيان، خاصةً إذا كان الفرد يعاني من اضطراب الصحة العقلية المتزامن. توصلت الدراسات إلى أن الدواء يعمل بشكل أفضل في علاج أنواع معينة من الرهاب عند استخدامه مع العلاج النفسي، ومن الأدوية التي يمكن لمريض رهَاب المَرايا استخدامها هي:
- حاصرات بيتا.
- البنزوديازيبينات 4.
- مثبطات مونوامين أوكسيديز.
- مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية.
أنواع رهاب المرايا
يوجد أنواع لرهاب المرايا، ولكن هذه الأنواع غير مصنفة بشكل رسمي، ولكن يمكن تصنيف رهاب المرايا إلى 3 أنواع مختلفة:
الخوف من شكل الجسد
إذا كنت تواجه مشكلات متعلقة بصورة الجسم وشكله، فقد يؤدي التفكير في المرايا أو الانعكاسات التي تظهر عليها إلى استجابة خوف ورهبة لديك، حيث قد تعاني من أعراض رهَاب المَرايا بالتزامن مع اضطرابات معينة، على سبيل المثال:
- اضطراب التغذية والأكل.
- اضطراب تشوه الجسم.
أي أن هذا النوع من أنواع رهَاب المَرايا، يكون سببه هو الخوف من النظر إلى الجسم، الذي لا يكون بحالةٍ صحيةٍ غالبًا، نتيجة الإصابة بمرضٍ ما.
الخوف من الإنعكاسات
من جهة أخرى، قد يكون الخوف من المرايا مرتبطًا بخوف عام من الانعكاسات، بالإضافة إلى المرايا، قد تخاف من أي مادة تعكس الأجسام علسها، على سبيل المثال:
- السيارات اللامعة.
- أنواع النظارات الشمسية.
- زجاج واجهات المحلات.
بمعنى أنّ هذا النوع من أنواع رهاب المرايا قد ينشأ عند البعض، بسبب تشويه المواد العاكسة للعناصر المنعكسة عليها، مما يجعلها تبدو غير واقعية إلى حدٍ ما، والتي قد يجدها البعض مخيفةً جداً.
المعتقدات الروحية
ترتبط المرايا عند البعض بالطقوس الدينية والعادات والخرافات، حيث يعتقدون أن المرآة تعكس روح الإنسان. في بعض الثقافات، يقوم الأفراد بتغطية جميع المرايا الموجودة في منزل الشخص المتوفى حديثًا، ظناً منهم أنّ هذا يمنع ظهور الأرواح الميتة من المرآة و للحفاظ على بقية أفراد عائلة الميت الذين نجوا من الموت. ومن هذا المنبر، أدى الارتباط بين المرآة والروح إلى مجموعة واسعة من الأساطير الحضرية التي قد تساهم في نشر الخوف والفزع في نفوس الناس من مفهوم الموت أو الأشباح.
أنواع رهاب ذات صلة
هناك عدة أنواع من اضطرابات القلق التي قد يكون المريض مصاباً بها، وقد يتم تشخيصه برهابِ المَرايا بناءً عليها، يعود ذلك إلى أن رهابَ المَرايا له صلة بهذه الفوبيات، ويمكن أن يكون أحد هذه الأنواع من الفوبيا هو السبب في تشكل رهابِ المَرايا عند المريض، ومنها:
- اضطراب تشوه الجسم.
- الخوف من الموت (Thanatophobia).
- اضطراب الهلع.
- اضطراب الوسواس القهري.
- اضطرابُ ما بعد الصدمة.
- اضطراب القلق المعمم.
- اضطراب القلق الاجتماعي.
ملاحظة هامة
قد تكون تجربة رهابُ المَرايا مخيفة بشكل لا يصدق بالنسبة إلى البعض. لذلك متى ما راودك الشعور أنك مصاب بخوف شديد من المرايا أو غيرها من الأمور، خاصةً إذا بدأ هذا الخوف يؤثر على حياتك وعلاقاتك الاجتماعية، عليك طلب المساعدة من أخصائي الصحة النفسية، وتذكر أنه كلما كان العلاج في وقت أبكر كلما كان الطريق نحو الشفاء أقصر.
بغض النظر عن السبب الكامن وراء رهاب المرايا لديك، عليك أن تعلم أنه يوجد العديد من خيارات العلاج الفعالة المتاحة. إذا كنت تعاني من صعوبة في حياتك بشكل عام بسبب رهاب المرايا (سبكتروفوبيا) أو كنت تواجه صعوبة في أداء مهامك اليومية، فمن المهم التواصل مع أخصائي الصحة العقلية في أقرب وقت ممكن.