ما هي أفضل قهوة؟ لنكون صريحين ربما عليك استبدال هذا السؤال بآخر أكثر دقة؛ مثلًا ما هي القهوة المناسبة لي؟ أو كيف أختار أفضل قهوة لي؟ لأن خيار القهوة الأفضل ليس دائمًا الأفضل بالنسبة للجميع إن صح التعبير، فكل شخص يبحث عن مذاق يشعر معه بلذة نكهة القهوة، وقبلها رائحة عبقها المميز الذي يثير الحواس. ولو نظرنا إلى العلامات التجارية الرائدة في العالم في مجال القهوة أو حتى أصغر المقاهي والمحامص، سنجد لكل منها نوعًا ومزيجًا خاصًا ترى فيه القهوة الأفضل وهو ما يراه جمهورها، لذا فإن اختيار القهوة الأفضل ليس له علاقة كاملة بحبوب القهوة نفسها، بل بكافة الخطوات التي تخضع لها حتى طحنها وإعدادها.
يرى البعض أن إعداد القهوة في المنزل بشكل كامل يمنحها المذاق الأفضل مع اختيار حبوب من نوع محدد ومنطقة محددة، لكن البعض يرى في إعدادها بشكل آلي في محامص خاصة الأفضل مع مزيج بين الحبوب هو الأفضل، فيما يرى أخرون أن تحميصها بطريقة مختلفة وفقًا للغرض الأفضل، وغيرهم من الأشخاص. مما يعني اختلاف التفضيلات، ما ينتج عنه اختلاف معنى “أفضل” في السؤال الأول كونها كلمة ستصبح مطاطية أكثر لعدم القدرة على تحديدها بشكل صريح ودقيق.
هذا الاختلاف بين التفضيلات يعود بشكل عام لذائقة الجمهور، فأحيانًا يبحث البعض عن نسبة حموضة عالية، وغيرهم يبحث عن نسبة مرار أعلى، وغيرهم عن نسبة كافيين أعلى، وربما على كريمة أو رغوة عند إعداد الاسبريسو أكثر، وهو ما يعني اختلاف الحبوب لكل غرض، وهنا في هذا المقال نرغب بجعل اختيار القهوة المناسبة أو المفضلة لذائقة كل شخص أكثر سهولة من خلال الحديث عن خواص وطريقة إعداد كل منها، وما هي التأثيرات تواجهها حتى تصل جيدة المذاق أو بدرجة أقل من المطلوب.
أنواع القهوة
كما هو الحال مع ماكينات القهوة، فهناك العديد من أنواع ومصادر القهوة في العالم تتسم كل منها بمذاقها الخاص بسبب مصدرها وطبيعة زراعتها وطرق تجهيزها، وبعد ذلك طرق تحميصها وطحنها. لكنها رغم ذلك تتوزع في الغالب إلى قسمين رئيسيين هما: ارابيكا وروبوستا ولكل منهما عدة فصائل مختلفة.
تُعد البرازيل أكبر مورد للقهوة في العالم، تتبعها فيتنام، تليها كولومبيا، فإندونيسيا، ثم أثيوبيا، وهندوراس، والهند. كما أن هناك العديد من الموردين بكميات أقل بما يشمل دول أمريكيا اللاتينية بشكل عام باستثناء الأرجنتين وتشيلي بسب المناخ غير المساعد على ذلك، وهناك عدد من الدول الأفريقية على خط الاستواء ودول شرق آسيا، ولكل منها أنواع خاصة تقوم بزراعتها ومذاق مختلف بسبب بيئة الزراعة وطرق العناية فيها، خاصة وأن حبوب القهوة نفسها أشبه ببذور لثمار شجرة القهوة، حيث يتم قطفها وغسلها وتجفيفها قبل ظهورها بالشكل النهائي الذي نراه.
ارابيكا أم روبوستا؟ هذا هو السؤال الأكثر حيرة بين الناس عند السماع بنوعي القهوة، كون كل نوع يوفر مذاقًا مختلفًا بشكل ملحوظ عن الآخر، ما يجعل من تحديد خيار الشراء أكثر صعوبة، لكن في هذه المقارنة البسيطة يمكنك تحديد خيارك الخاص وكذلك التعرف على كيفية تحديد نوع القهوة عن شرائها على شكل حبوب.
الفروقات بين أهم أنواع القهوة:
- الحجم:
تتميز حبوب الارابيكا بأنها أكبر حجمًا مقارنة مع الروبوستا.
- الشكل:
- تأتي الارابيكا بشكل طولي في حين تبدو الروبوستا أكثر دائرية، كما يتسم خط النوى في الارابيكا بالاعوجاج على عكس الروبوستا.
- طريقة الزراعة:
يُزرع شجر الارابيكا على ارتفاع 600-2200 متر وتنمو على درجة حرارة بين 15-24 درجة مئوية، ويبلغ طولها 2.5-4.5 متر. فيما تزرع الروبوستا على ارتفاع لا يزيد عن 800 متر على درجة حرارة بين 18-36 درجة مئوية، ويصل طولها عند النمو بين 4.5-6 أمتار. وتحتاج الروبوستا في الغالب كمية أمطار للنمو ضعف تلك التي تحتاجها الارابيكا.
- نسبة الحموضة والمرار:
في معظم الأحيان تكون نسبة المرار أعلى في حبوب الروبوستا مقارنة مع الارابيكا، لكن ذلك يتباين على حسب مصدر القهوة.
- الكافيين:
تبلغ نسبة الكافيين في حبوب الروبوستا نحو ضعف الموجودة في حبوب قهوة الارابيكا.
- الكريمة أو الرغوة:
تتميز حبوب الروبوستا بأنها تعطي طبقة كريمية أكبر بكثير من الارابيكا خاصة عند إعداد الاسبريسو.
Please enable JavaScript
- السكر:
تحوي حبوب الارابيكا نسبة تعادل 6-9% من السكر في تركيبتها، بينما الروبوستا تحوي نسبة 3-7%.
- الدهون:
تبلغ نسبة الدهون في حبوب الارابيكا نحو 60% أكثر من تلك الموجودة في الروبوستا، بواقع 15-17% إلى 10-11.5%.
تعطي نسبة الدهون والسكر الأعلى في حبوب الارابيكا مذاقًا أكثر سلاسة ورائحة عطرية أعلى مقارنة مع تلك الموجودة في الروبوستا أثناء التحميص، لذا يفضل معظم أصحاب المقاهي في العالم حبوب الارابيكا. كما أن المذاق المرتفع والتكلفة الأعلى في زراعة القهوة لحبوب ارابيكا والطلب الأعلى عليها يجعلها أعلى سعرًا بما يصل للضعف مقارنة مع الروبوستا.
لكن يلجأ بعض الباريستا المحترفين إلى عمل توليفة تجمع الارابيكا مع الروبوستا تتناسب معهم، بحيث تعطي مذاقًا مميزًا ومتوازنًا من حيث الحموضة والمرار، مع ضمان الحصول على طبقة كريمية أكبر بفضل حبوب الروبوستا.
وتشتهر مناطق شرق أفريقيا واليمن وجنوب المملكة العربية السعودية ودول أمريكا الوسطى بكونها أفضل منتجي قهوة الارابيكا، فيما تعتبر فيتنام والهند وإندونيسيا ودول غرب ووسط أفريقيا من المنتجين لقهوة الروبوستا.
وبسبب عدد البلدان التي تنتج الارابيكا وكمية القهوة المصدرة منها، فإن المعدل العالمي لإنتاج الارابيكا يزيد عن الضعف مقارنة بالروبوستا.
القهوة التجارية
تأتي القهوة التجارية في أغلب الأحيان مطحونة ومعبئة بعد تحمصيها في منشآت أو محامص خاصة تقليدية كانت أو حديثة ليتم توزيعها على المناطق المختلفة، وتقوم الجهة المنتجة لها بعمل توليفة خاصة ربما تجمع أكثر من نوع قهوة من أكثر من مصدر للوصول إلى المذاق المرغوب الذي ترى فيه النسخة الأفضل من القهوة مقارنة مع السعر المطروح، ويقوم بعضهم بإضافة بعض “الحوائج” أو “الأعشاب” لها في حال كانت تستهدف التحضير المباشر عن طريق الغلي؛ مثل الزعفران والهيل والقرنفل.
القهوة المختصة
بالنظر إلى الاسم، فإن القهوة المختصة تبدو أدق من حيث الاختيار بما يتناسب مع المشتري، حيث يتم جمع الحبوب تحميصها وتوصيلها كاملة دون طحن للمستخدمين بشكل عام، لكن غالبًا ما يكون للمشتري خيار تحديد نوع القهوة مثل أرابيكا أو روبوستا ومصدرها حسب البلد المورد، وكذلك نوع ودرجة تحميصها سواء كانت على الطريقة الإيطالية مثلًا مع درجة تحميص عالية أو أقل. وبالتالي تُعد أكثر حرية في الاختيار لمختلف الأذواق.
يمكن الحصول على أنواع القهوة المختصة العديدة بسهولة هنا، حيث تتوافر من أجود الأنواع ومن مختلف العلامات التجارية العالمية.
القهوة المنزلية أو محلية الصنع
هذا النوع من القهوة ربما يكون أكثر اختصاصًا من القهوة المختصة إن صح التعبير، لكن الناتج النهائي يختلف بشكل واضح بسبب عدم امتلاك غالبية الناس مهارة تحميص القهوة على طريقة المختصين في ذلك، حيث يتم شراء القهوة المنزلية على شكل حبوب “خضراء” ويتم تحميصها في المنزل أو مكان العمل عبر طرق تقليدية أو باستخدام آلات التحميص الحديثة، ومن ثم يستطيع الشخص عمل التوليفة المناسبة له من خلالها.
يتوجه البعض نحو هذا الخيار كونهم يحبون القيام بالمهام بأنفسهم وصناعة منتجهم الخاص أو للوصول لتوليفة ودرجة تحميص ومذاق لا يحصلون عليه من خلال القهوة التجارية أو المختصة، وفيما يستخدم البعض الطرق التقليدية للتحميص عبر الأفران والأواني، يذهب البعض لشراء آلات تحميص حديثة للحصول على ناتج احترافي، وهذا الأمر يقوم به بعض الباريستا أو المقاهي لمساعدتهم على التميز بمذاق خاص يصعب الحصول عليه خارجًا.
لماذا يكون طعم القهوة سيء المذاق أو مغايرًا؟
- جودة القهوة أقل من المطوب
المعادلة واضحة، للحصول على أفضل مذاق يجب الحصول على أفضل الحبوب، لذلك يلجأ أصاحب المقاهي الرائدة بدفع المزيد من المبالغ على القهوة للحصول على حبوب تجعل مشروباتهم أفضل. فإذا كانت جودة حبوب القهوة أقل من المطلوب، ستحصل على مشروب قهوة أو اسبريسو بجودة أقل.
- القهوة غير طازجة
بعد تحميص حبوب القهوة تبدأ بفقدان مذاقها إذا كانت محمصة محليًا، وإذا كانت معبئة فتبدأ بفقدان المذاق بمجرد فتح العبوة أو الغلاف، لذلك كما زادت تلك الفترة أصبح المذاق أخف. وينصح بتخزين القهوة بطريقة جيدة وإحكام الإغلاق عند أخذ جزء منها، أو استخدامها خلال أقل من أسبوع بعد تحميصها أو فتح العبوة حتى لا تفقد المذاق المطلوب.
- التحميص سيء
يُعد التحميص عاملًا أساسيًا في الحصول على المذاق المناسب، حيث يجب أن يتناسب وقت التحميص مع الوصول للون المطلوب.
- درجة الطحن
في بعض الأحيان تكون درجة الطحن سواء صغيرة أو كبيرة لا تتناسب مع الحبوب وماكينة الاسبريسو، لذا لا يتم استخراج المذاق بشكله المطلوب من جزئيات القهوة عند وضعها في الماكينة.
فإذا كان المذاق حامضًا بشكل أكبر أو خفيف أو لاذع، فهذا يعني عدم استخراج عصارة القهوة بالشكل المطلوب أثناء الاعداد.
- ربما يكون الماء هو السبب
درجة تقطير ونظافة الماء تتحكم بالطعم بدون شكل، لكن أيضًا درجة حرارة الماء أثناء الإعداد يساهم في اختلاف الطعم.
- مشكلة في ماكينة القهوة أو الاسبريسو عند ضخ الماء وتحضير القهوة
ربما تكون مشكلة مذاق القهوة السيء نابعة من خلل أو عدم توازن في ماكينة القهوة لمشكلة في ضخ الماء مثلًا.
- ماكينة القهوة تحتاج إلى التنظيف
وجود بقايا أو جزئيات مؤكسدة بمجرى الماء أو الفلتر تؤثر على الطعم مع الوقت، لذا يجب الحفاظ عليها نظيفة دائمًا.
- حاول استخدام أكواب زجاجية أو مصنوعة من السيراميك والبورسلان
تتميز أكواب الزجاج أو السيراميك أو البورسلان بكونها لا تؤثر على الطعم مطلقًا، على عكس أكواب البلاستيك والكرتون والستانلس.
- كمية القهوة أقل أو أكثر
عند صناعة قهوة الاسبريسو ينصح الخبراء استخدام بين 7-8 غرامات للفنجان الصغير “سنغل” و14-16 للمزدوج “دبل”، فإذا كانت الكمية أقل أو أكثر سيظهر تأثيرها على المذاق سواء بكونه أخف أو لاذع أكثر من المطلوب.
- القهوة غير مناسبة لذوقك
إذا لم تحصل على المذاق المطلوب بالرغم من عدم وجود مشكلة، فيمكنك الحصول على أنواع القهوة المختصة بسهولة.
- تحتاج ماكينة قهوة جديدة
إذا كانت جميع المشاكل السابقة غير موجودة، فربما الماكينة أصبحت قديمة بعض الشيء وتحتاج إلى تغيير بعد فترة من الاستخدام وتراجع قوة عتادها من ضخ الماء للغليان للتحضير. وإذا كنت بحاجة لذلك التغيير، فبإمكانك الحصول على العديد من ماكينات القهوة التجارية بسهولة.
الخلاصة
الحصول على فنجان أو كوب قهوة مثالي يحتاج سلسلة مثالية من الخطوات منذ وضع البذور في الأرض وبدء نمو الشجرة، وحتى قطفها، إلى جمعها وتحميصها، واختيار الآلة الخاصة بإعدادها. وكلما زادت معرفة الشخص بالقهوة أصبح أكثر خبرة في اختيار المناسب منها والوصول لقرار الشراء النهائي للقهوة نفسها أو ماكينة القهوة المناسب لصنعها، وهذا ما حاولنا تقديمه من خلال هذا المقال.